Site icon IMLebanon

وليد جنبلاط: لا رهان على تغيير في سوريا… الحرب بدأت للتو

وليد جنبلاط: لا رهان على تغيير في سوريا… الحرب بدأت للتو

بطّلنا نحكي عن تدخل حزب الله… لم يبق أحد لم يتدخل

هادئ وليد جنبلاط الى أقصى الحدود. حتى «الهزة» بقدمه تكاد لا تُلحظ. بات يفضّل كليمنصو والمختارة على الجلوس على حافة النهر. لا يتدخل في شؤون بقية التيارات السياسية، ويتمنى لو يتفق أقطاب الموارنة على دعم أحدهم للرئاسة، متأسفاً على «المزايدات التي لا تسمح برؤية النيران التي تحيط بنا». أولويته الحوار و «التسوية تلو التسوية حتى الوصول الى التسوية الكبرى». يكاد شعاره يكون: عند اختلاف الدول إحفظ وطنك. لكنه متشائم الى أقصى الحدود أيضاً. «الأمور في البلد مقفلة ولا أجد مخرجاً». أما في سوريا، «فالحرب بدأت الآن». عندما تخرج من كليمنصو ستجد أن كل شيء لا يزال في مكانه. «البيك» لم يعد «يبرم» بالسرعة نفسها، وإن كان لا يجد في الأمر نقيصة «لأنني لست أبو الهول»

كيف كانت زيارتك الأخيرة للسعودية؟ لماذا في هذا التوقيت؟

■ لا أبعاد للزيارة. أساساً كنت طلبت موعداً بعد وفاة الملك عبدالله. أعطونا الموعد وذهبنا. أعرف الملك سلمان جيداً منذ كان أميراً على منطقة الرياض وهو كان يعرف والدي. التقيت الأمير محمد بن سلمان. كانت زيارة في غاية الودّ. السعوديون حريصون على استقرار لبنان.

لماذا نشرت على تويتر صورة مركبة للرئيسين حافظ الأسد وفلاديمير بوتين في اليوم التالي لعودتك؟

■ وصلتني الصورة من أحدهم مشغولة «فوتوشوب». كانت نكتة. أحب التنكيت، لكن جبهة الممانعة لا تحب التنكيت.

التقيت الرئيس سعد الحريري. هل بحثت معه في سبب تراجعه عن تسوية الترقيات الأمنية مع العماد ميشال عون؟

■ ما حكينا شي. الأمور مغلقة. هذا رأيي. صحيح أن الرئيس نبيه بري يبذل جهداً لأن نتوصل الى رئيس صنع في لبنان، ولكن هذا الأمر فعلياً يحتاج الى معادلة اقليمية. هذه المعادلة اسمها «السعودية ــــ ايران».

الايرانيون يقولون انهم مع ما يتفق عليه اللبنانيون ولا يضعون فيتو ضد أحد فيما يبدو واضحاً أن السعودية هي من تضع الفيتوات؟

■ عندما يقول الايرانيون انهم مع ما يتفق عليه اللبنانيون يعني ذلك أنهم لا يريدون هذا الأمر في الوقت الحاضر. من الواضح أن ايران غير مستعجلة في موضوع الرئاسة. عندما يُصدّق الاتفاق مع دول الـ «5+1» وتُرفع العقوبات ربما عندها يبدأ الحكي.

وهل السعودية مستعجلة؟

■ في رأيي لا بد من وجود رئيس جمهورية وإلا ندخل في حلقة الخطر على الدولة. لا أرى أن من مصلحة أحد، سواء السعودية أو ايران أو غيرهما، أن تصل الامور في لبنان الى مرحلة إهتراء الدولة كما نشهد حالياً.

الروس لم يصلوا

الى «داعش» ويضربون فصائل الثوار الأخرى

بالعودة الى لقائك مع الحريري. كان لك موقف متمايز في جلسة الحوار الأخيرة تجاه العماد عون وتسوية الترقيات الأمنية. ألم تبحثا في الأمر؟

■ كان مطروحاً موضوع ترقية العميد شامل روكز. الحريري كان مع التسوية، ولكن الأمر عُطِّل محلياً. لو سرنا في هذا الاتفاق كان يمكن أن ينسحب الأمر على عمل الحكومة وتفعيلها.

هل هناك من هو أقوى من الحريري داخل تيار المستقبل؟

■ لم أقل ذلك. عُطِّل الاتفاق محلياً. هناك وجهات نظر متعددة، ليست سنية فقط، بل أيضاً مسيحية. للأسف، المزايدات المسيحية ــــ المسيحية توصل الى هنا. ربما أخطأنا بعدم دعوة سامي الجميل الى الجلسة التي عقدت على هامش الحوار. الآن فات الأوان.

في رأيك الرئيس ميشال سليمان قوي الى درجة تعطيل اتفاق تسير فيه الأطراف الرئيسية في البلد؟

■ لم لا؟ لديه ثلاثة وزراء في الحكومة. للأسف تراكم الأحقاد بين بعض الزعامات المسيحية، كي لا نقول المارونية، يوصل الى هنا، ويحول دون أن يرى أحد النيران التي تحيط بنا من كل جانب. مهما كانت رهانات البعض يجب أن نحافظ على البلد. أن يرسل (السيد علي) خامنئي قاسم سليماني الى موسكو كما قرأنا اليوم (أمس) ليطلب نجدة روسيا، وأن يأتي الروس الى سوريا بهذا الحجم العسكري، وأن يُضطر جون كيري الى الدعوة الى لقاء فيينا، فهذا يعني أن الحرب السورية لا تزال في بداياتها. لذلك، المراهنات الداخلية على التغيير في سوريا لمصلحة جهة ضد أخرى عقيمة وأمامها وقت طويل.

ألم تراهن على التغيير في سوريا في فترة من الفترات؟

■ لا. عندما بدأت الثورة السورية السلمية اعتقد فريق 14 آذار بأن مصير (الرئيس) بشار (الأسد) سيكون كمصير (الرئيس التونسي السابق زين العابدين) بن علي و(الرئيس المصري السابق) حسني مبارك. في اجتماع في منزل أحد الأصدقاء، أعتقد غطاس خوري، قلت لهم هذا لن يحصل. أعرف تركيبة النظام. كنت أيضاً ألتقي (مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله) وفيق صفا ومسؤولين سوريين مثل اللواء محمد ناصيف. كان رأيهم أن مسألة درعا ستنتهي خلال ساعات. كان هذا في 2011 قبل أن أتوقف عن زيارة الشام في 9 حزيران من ذلك العام. اليوم نحن في السنة الخامسة. سوريا تُدمّر ولم ينتصر أحد، ولا خط بياني واضح بعد حول مستقبل سوريا.

ماذا تتوقع من لقاء فيينا؟

■ الأميركيون اليوم ينسّقون. أيضاً خلافاً لبعض من راهنوا من 14 آذار على تدخل اميركي في 2013، اكتفى الأميركي بتسوية السلاح الكيميائي السوري.

لم تكن هناك نية لدى الأميركيين في أي وقت للتدخل؟

■ لا أعتقد.

ماذا تعني بالتنسيق الأميركي ــــ الروسي حالياً؟

■ اليوم ينسّقون عملانياً في الطلعات الجوية لتلافي الحوادث. هذه بداية. هناك خلاف ظاهري أميركي ــــ روسي «من بعيد». الاميركيون عاتبون على العبادي بسبب غرفة العمليات الروسية ــــ الايرانية ــــ السورية ـــــ العراقية في بغداد والتي لا أعرف «شو رح يطلع منها».

ألن يكون هناك رد أميركي على التدخل الروسي؟

■ لا أرى رداً على الهجوم الروسي. الأميركي أساساً بات على مسافة من المنطقة. يتوجه الأميركيون اليوم الى الشرق الأقصى، خصوصاً أن مصالحهم النفطية في المنطقة غير مهددة. وخير دليل على ذلك إصرار باراك أوباما على الوصول الى صفقة النووي مع ايران.

واشنطن تبتعد عن

المنطقة ولن ترد على

الهجوم الروسي

في رأيك، هل كان الأميركيون جدّيين في محاربة تنظيم «داعش» عبر التحالف الدولي الذي شكّلوه؟

■ لا يمكن أن تحارب «داعش» من الجو مهما فعلت. هذا لا يؤدي الا الى زيادة الدمار. محاربة «داعش» تكون بقوّة على الأرض. في الوقت الحالي، في العراق، القوى على الأرض متبعثرة. لا أعلم إذا كان لا يزال هناك جيش عراقي أساساً. هناك الحشد الشعبي، وعندما ترى صورهم تترحّم على أيام ميليشياتنا وميليشيات حركة أمل. كنا «مرتبين» أكثر. وهناك «البيشمركة» أيضاً، ولكن وضع كردستان اليوم صار مثل وضع لبنان لناحية تعطل المؤسسات.

ولكن في سوريا، العمل الروسي من الجو يترافق مع قتال على الأرض؟

■ في سوريا، الروس لم يصلوا الى «داعش». يضربون فصائل الثوار الأخرى من «النصرة» الى «الجيش الحر» الى غيرهما.

ألا تزال تعتبر عناصر «النصرة» ثواراً؟

■ بينهم سوريون. ظلم النظام دفع المواطن السوري الى «النصرة». وحتى في «داعش» هناك بيئة حاضنة سورية. ليس كل «داعش» من الأجانب. هناك بقايا البعثيين العراقيين وهناك ترابط قبلي ــــ عشائري. هذه الحاضنة أتت في العراق من حكم أقلية حزب البعث وأهل تكريت قبل أن تنتزع السلطة منهم في 2003. وفي سوريا هناك أيضاً أقلية حاكمة مركّبة من النظام والطائفة وبقايا البعث.

هل ترى مستقبل المنطقة أميركياً ــــ ايرانياً؟

■ لا يمكن تبسيط الامر على هذا النحو. لايران دور فاعل، ولكن هناك دور لدول أخرى. اليوم ليست الدول وحدها الفاعلة. نشهد تحولات في الكيانات باتت معها الميليشيات دولاً. «داعش» دولة. حزب الله وحماس أيضاً. هناك شيء جديد يُرسم ليس واضحاً بعد.

على طاولة الحوار قلت إنك حاولت أن تشجع على الثورة في جبل الدروز وفشلت؟

■ حاولت أن ينتفض الدروز ضد النظام ولكن تبين ان لا وجود لي في جبل العرب. الشيخ البلعوس شكّل خطراً على النظام لأنه دعا من رفضوا الخدمة العسكرية الى ان يقاتلوا فقط دفاعاً عن الجبل لا أن يموتوا في مناطق أخرى، لأنه حتى الآن سقط نحو 1600 قتيل درزي في الجيش السوري في حلب وحمص ومناطق أخرى.

أليس هؤلاء سوريون قتلوا دفاعاً عن بلدهم وجيشهم؟

■ لن اصفهم بالشهداء لأنهم أُجبروا على قتال إخوانهم من المواطنين السوريين، وأنا أساساً مشيت مع المواطن السوري.

الحوار

بالعودة الى لبنان، كيف ترى خطاب الوزير نهاد المشنوق الذي هدّد فيه بالاستقالة من الحكومة والحوار؟ هل كان يعبّر عن رأيه أم عن رأي المستقبل؟

■ لا أعرف، ولكن في الأساس لا يمكننا الخروج من الحوار. وأنا مصرّ على طاولة الحوار، الى جانب الرئيس بري، كي نجد تسوية تلو التسوية في انتظار التسوية الكبرى حول رئيس الجمهورية.

هل ترى مشكلة داخل تيار المستقبل؟

■ هناك تفاوت في اللهجة، ولكن في النهاية هناك سعد الحريري.

ثمة تفاوت في

«المستقبل» وبالنسبة لي

الحريري هو الميزان

ولكن مخالفة الحريري في تسوية الترقيات الامنية توحي وكأن هناك من هو أقوى منه؟

■ ليس الحريري مسؤولاً وحده عن ذلك. الرئيس فؤاد السنيورة حاول ان يعطي تفسيرات دستورية، ولكن في النهاية هذا كله سياسة.

هل شكيت السنيورة للحريري؟

■ لا.

ما الذي يجري داخل تيار المستقبل؟

■ ليست شغلتي التدخل في شؤون التيارات السياسية الأخرى. الأهم بالنسبة لي أن سعد الحريري هو المقياس والميزان وقائد المستقبل.

هل يجب أن يعود؟

■ هو من يقرر.

هل المانع أمني أم مالي؟

■ لا أعرف.

لا مخارج

كيف ترى الخروج من الازمة الراهنة. عون يشترط تعيينات أمنية لتمشي الحكومة. ما الذي يحول دون ذلك اذا كانت هناك حكومة تجتمع؟

■ لا أرى مخرجاً. نكبّر شعاراتنا فيما نحن عاجزون عن حل مشكلة النفايات.

ألا يوجد اي بحث لارضاء عون بأي شيء؟ انت كنت من انصار ذلك.

■ كنا كذلك في موضوع تسوية الترقيات الأمنية، لكنها قطعت. لا يمكننا أن نلعب كل يوم بالجيش.

هل يمكن أن تكون مع وصول عون الى الرئاسة؟

■ أساساً طرحنا هنري حلو مرشحاً توافقياً تفاديا للدخول في تناقضات مارونية ــــ مارونية، تماماً كما حدث عام 1970 عندما ترشح ريمون اده وبيار الجميل. آنذاك كان هناك وعي لدى الطبقة السياسية المارونية. أدرك الاثنان أن لا حظوظ لهما بسبب الخلاف السياسي في البلد، فانتخب سليمان فرنجية الذي كان يمتلك حيثية وطنية.

هل يماثل هنري حلو لجهة الحيثية الوطنية ما كان يمثله فرنجية؟

■ أردت تفادي الدخول بين عون وجعجع. لو اجتمع أقطاب المسيحيين اليوم ودعموا واحداً منهم سيكون ذلك ممتازاً.

ولكن منطق عون انه اذا كان الاقوى سنياً وشيعياً ودرزياً هو من يمثل هذه الطوائف فلماذا يمنع ذلك عن المسيحيين؟

■ أخالف هذا الرأي. الرئيس بري ليس الاقوى شيعياً فقط بل ذو حيثية وطنية أيضاً. هل يمكن أن يحكم سعد الحريري وحده حتى لو كان قوياً في بيئته السنية؟ نظرية القوي في طائفته لا تصرّف وطنياً.

أفضّل استخدام تعبير «حيثية وطنية» لأن نظرية الرئيس القوي سادت في مرحلة معينة وخربت البلد ولا أريد أن أذكّر بتلك المرحلة السوداء.

ما رأيك بالحراك؟

■ كنت أول من أيده، وشاركت فيه منظمة الشباب التقدمي. بعدها رأينا انه تحول الى اتجاهات عدة. التظاهرة الأخيرة كانت مخيفة جداً. ليس بهذه الطريقة نصل الى الهدف. كيف يمكنك اسقاط نظام طائفي؟ أتمنى لو اننا قادرون على ذلك. سعى كمال جنبلاط واليسار اللبناني الى ذلك على مدى 16 سنة فما الذي تحقق؟

هل يمكن أن نراك في سورية مجدداً؟

■ ابداً.

الن «تبرم» مجدداً؟

■ هذه نظرية سخيفة. لست ابو الهول لأبقى مكاني. أي سياسي لا يتأقلم؟ ولكن التأقلم من اجل حماية الوطن شيء والانتهازية مع هذا النظام شيء آخر.

يؤخذ عليك أن تأقلمك من أجل حماية الطائفة لا الوطن؟

■ كل من مشوا في مشاريع الحماية الطائفية فشلوا.

هل لا تزال ضد تدخل حزب الله في سوريا؟

■ بطلنا نحكي عنو. لم يبق أحد لم يتدخل.