رحم الله الرئيس رفيق الحريري، كان كُلّما علا صوت وليد جنبلاط واشتدّ هجومه عليه ـ خصوصاً أيام كان وزيراً للمهجّرين ـ «وليد بك عندو مطلب فلنعطه إياه!! بعد أحد عشر عاماً على غياب الرئيس رفيق الحريري، لم يتغيّر شيء في وليد جنبلاط، بل ربّما صار أسوأ، خصوصاً في هذه الأيّام «الضَّنْك» التي أقفلت فيها «حنفيّات» المال العربي منذ العام 2009، فكان لا بُدّ من التفاتة للبيك إلى الداخل اللبناني، يوم الاثنين الماضي التقيت بأحد أعضاء الجسم القضائي، وكان لا بُدّ من جولة سياسيّة سريعة تستشرف بإشفاق الحال التي وصل إليها البلد خصوصاً في مسألة النفايات ومن يتحمّل مسؤوليتها؟ أجبت الشخصيّة القضائيّة أجدُ أن النائب وليد جنبلاط يتحمّل تبعات كلّ انكسارات لبنان منذ 5 أيار العام 2008.
وبدأت أسترسل في عدّ النكسات التي قادنا إليها النائب وليد جنبلاط مرّة بسبب «فوبيا» الموت التي تطارده، ومرّة بسبب حساباته السياسيّة الخاطئة، منذ العام 2008 ووليد جنبلاط يُجرجر لبنان من كارثة إلى أخرى، ففي السياسة ورّطنا في 5 أيار عندما هدّد باستقالة وزرائه من الحكومة إن لم تتخذ قراراً بشأن شبكة اتصالات حزب الله، وإصراره على عزل القائد الأمني لمطار بيروت، فكانت النتيجة كارثة 8 أيار واتفاق الدوحة، بعدها جرجرنا مباشرة وبعد فوز فريق 14 في انتخابات العام 2009 فأطل بوجه كئيب ليقلب نتيجة الصناديق ـ خوفاً من حزب الله ـ بعد أيام قليلة انقلب في مطلع شهر آب من العام نفسه على كلّ مبادئه وأصوات ناخبية وعاد إلى «عروبة البعث» و»الحنين إلى الشام»، ثمّ شارك في تسليم الحكومة لحزب الله عندما سمّى نواب كتلة «النضال الوطني» نجيب ميقاتي رئيساً للحكومة، بعدما تفرّج على الثلث المعطّل وهو يطيح بالرئيس سعد الحريري على باب البيت الأبيض، ثم ادّعى أنّه هرب إلى الوسطيّة وانضمّ إلى ميشال سليمان، ولم يلبث أن عاد عن حنينه إلى الشام بعدما تعرّض لإذلال بعثي لئيم ليقبلوا باستقباله نادماً تائباً عن كفره بنظام الأسد، لم نشهد سياسي يملك قدرة على «إذلال» نفسه على الهواء مباشرة كوليد جنبلاط!!
منذ انتهت مهزلة أزمة النفايات التي افتعلها وليد جنبلاط وأغرق بها البلاد من أجل 50 في المئة حصة له من شركة سوكلين، أو استبدالها بشركة ولديْه تيمور وسلطان وفي مقدمة الصور «رياض الأسعد»، ومع هذا أمضى جنبلاط وقته على تويتر يعبّىء حال الفراغ والهشاشة السياسية التي بلغها، ولم يلبث أن شمّر عن ساعديه وتفرّغ للوزير نهاد المشنوق ووزارة الداخليّة!!
أوّل غيث الهجوم على الداخليّة ووزيرها بدأه بتغريدة مطلع الشهر الجاري عندما صرّح ساخراً لصحيفة السفير: «الإنتخابات البلدية والإختيارية مصيبة وحلت بنا، ولم يعد في إمكاننا أن نفعل شيئاً… ها هم الآن قد أفرجوا عن ملايين الليرات من حصص البلديات، ولنرَ ماذا سيفعلون بهذه الملايين… في أي حال هناك إستحقاق ضروري اسمه الإنتخابات البلدية، ولكن، كأننا نخالف الأعراف، فلا توجد إنتخابات رئاسية، ولا توجد إنتخابات نيابية، ومع ذلك نذهب إلى الأسهل، وهذا أمر عجيب غريب»!!
قد تكون كلمة «الملايين» هي أكثر كلمة تحرّك وليد بك، إذ وأتبع تغريدات ملايين الانتخابات البلديات بأخرى قفز فيها إلى «بلدية بيروت ستقوم بتركيب كاميرات بـ50 مليون دولار! وأنّ الجوع العتيق يستشري ويستفحل في كل مكان»… وما بين الفضيحتين توسّط جنبلاط ليتّكىء قليلاً على فضيحة الأنترنت فأتحف اللبنانيين بسلسلة تغريدات: قائلاً: «وفق إحدى الصحف المرموقة فإن جهات معينة تضغط على القضاء في ما يتعلق بملف الانترنت… وكيف لا ألم يحاول مصدر أمني رفيع التقليل من أهمية الفضيحة كون كل أجهزة الإرسال والتنصت تمر من خلاله… وكيف لا وإحدى الشركات مقربة من الدائرة الشخصية والعائلية كما يشاع… وكيف لا وشركة أخرى تعود الى وسيلة إعلامية معروفة استباحت رجال الأمن كما يشاع… أما بقية الشركات المتورطة فيقال أيضا ان أحزاباً أو حزباً يحميها وفق الرواية… من سيكون أقوى القضاء ومصلحة والمواطن أم رجال الظل والمصادر الأمنية أو الإعلامية أو غيرها من الجهات المحمية»!!! للأسف النائب وليد جنبلاط يتسلّى بتدمير قدرات الدولة، فقبل فضيحة الأنترنت غير الشرعي، ختم جنبلاط ملفّ مكبّ الناعمة بفتحه ستين يوماً لينقض عبر شباب حزبه على عبد المنعم يوسف رئيس الهيئة الناظمة لأوجيرو، ولم نعرف حتى الآن ما هو مطلبه أو «نتشته» من حصة الاتصالات وأوجيرو!!
لن نستعيد تغريدات وليد جنبلاط عن جمهورية الموز وهو أحد أعمدة بنائها ورعايتها والسهر على «أقراط موزها»، جمهورية الموز هذه هي مصدر ثروة البك التي جمعها من دماء الشعب اللبناني، بمحاصصاته الكبرى في النّهب المنظّم الذي نفّذه «حيتان المال» وقد صرّح مرّة أنّه أحد هؤلاء الحيتان الكبار، لأنّ المفاجأة اليوم جاءت من إطلاقه النار ومن ورائه المحامي رياض الحلبي ـ وهو معروف بعدائه للوزير نهاد المشنوق ـ فكرّت سبحة تغريدات، لا تليق لا بوليد جنبلاط أن يطلقها، وهو يعرف أنّه لطالما أطلق كلاماً وندم عليه ثم عاد واعتذر عنه، وهو لم يشبع من الاعتذارات على ما يبدو!!
لن تكون هذه المرّة الأولى أو الأخيرة التي يتعرّض فيها الوزير نهاد المشنوق لإطلاق الرصاص عليه ومن جهات متعدّدة، كان أجدى أن يُدرك وليد بك أنّ الوزير المشنوق خرج من كلّ الاستهدافات منتصراً، وهذه المرّة أيضاً سيخرج كذلك، مع أنّنا نتمنّى على النائب وليد جنبلاط لو يصارح اللبنانيين بمطلبه الحقيقي الذي يخوض في سبيله هذه الهجمة الشرسة على الوزير نهاد المشنوق.. يا ليته يقول ما هو مطلبه الحقيقي، وليترك الناس عندها تقرّر حجم استعداده لإحراق البلد من أجل تحقيق غريزة انتقام… وليس أكثر!!