IMLebanon

لهذا اعتمد جنبلاط خطاباً مُهادناً تجاه العهد ؟

 

أثارت مواقف رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط «المهادنة» الأخيرة سلسلة تساؤلات، خصوصاً وأنه للمرة الثانية يؤكد على ضرورة عدم استقالة رئيس الجمهورية ميشال عون، لا سيما أنه كان أول من دعاه إلى التنحّي، إذ يُنقل عن المتابعين لمساره السياسي أن لقاءه الأخير في قصر بعبدا كان إيجابياً، ومن هذا المنطلق، يقدم سيد المختارة على هذه المواقف لجملة اعتبارات تفنّدها أوساط مقرّبة منه وفق العناوين التالية:

 

1ـ إن جنبلاط عاد بالذاكرة إلى حقبة الرئيس إميل لحود، ويومها لم تتجاوب معه الأحزاب المسيحية المنضوية في فريق 14 آذار بإسقاط لحود، بما في ذلك البطريرك الماروني نصرالله صفير آنذاك، وبالتالي، تكرّر ذلك معه في العهد الحالي، إلى أن توصّل إلى قناعة مفادها أن لا يُفَسّر كلامه أنه موجّه ضد المسيحيين بشكل عام، خصوصاً وأنه من خلال معلوماته التي استقاها من مرجعيات دولية وديبلوماسية، أن هذه الخطوة دونها عقبات ومحاذير، وقد تؤدي إلى اهتزازت أمنية وإلى اتساع رقعة الإنقسام في لبنان، كما أن عواقبها ستكون وخيمة، ولا سيما بوجود من يدعم رئيس الجمهورية.

 

وبناء عليه، فإن جنبلاط يرى أنه، وفي هذه المرحلة بالذات، حيث الجوع والأوضاع المتردّية وحال الإفلاس في البلد، يقتضي عدم استقالة رئيس الجمهورية، وهو الذي تبقّى له حوالى العام والنصف من ولايته، مما يستدعي طي هذا الموضوع.

 

2ـ إن جنبلاط، ومن خلال لقاءاته الديبلوماسية ومع موفدين عرب ودوليين، استشفّ، أنهم لا يحبّذون في هذه المرحلة استقالة رئيس الجمهورية، وبالتالي، فهم متخوّفون من انفجار كبير في البلد، لا سيما وأن لبنان ليس على جدول أولويات الإدارة الأميركية في هذه المرحلة، كون اهتماماتها الأساسية تتركّز على الملف الإيراني، والذي يراه جنبلاط أساسياً بالنسبة لطهران، وبالتالي، فإن ما يحكى عن حرب قد تُشَنّ عليها لا يستند إلى أي وقائع. ومن هذه الزاوية، أشار جنبلاط إلى صبر طهران الطويل في مواجهة تحديات المجتمع الدولي، وهو لأول مرة منذ فترة طويلة يشير إلى ما يصنّف في خانة الإيجابية بالنسبة لإيران، وكذلك لـ»حزب الله»، حيث أكد على دوره وحضوره حكومياً ونيابياً وسياسياً، ما يعني أنه يتّجه إلى التهدئة مع حارة حريك، وهذا ما حصل منذ فترة من أجل تعزيز حالة الإستقرار مع الحزب.

 

3ـ إن الزعيم الجنبلاطي، ومن خلال أجوائه لا يريد الخلاف أو العودة إلى الماضي مع أي مكوّن أو حزب مسيحي، أو حتى غير مسيحي، فالتواصل قائم مع الجميع، ولكن التباينات كثيرة، وخصوصاً حول قانون الإنتخاب، وهذا ما أدّى إلى فتور في العلاقة مع «القوات اللبنانية» حيث وفي اللقاء الأخير له مع رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع، كان هناك حرص على التواصل والتنسيق وتحصين مصالحة الجبل، إنما ولدى إثارة موضوع قانون الإنتخاب ظهر الخلاف عميقاً بينهما بسبب تمسّك جعجع بالقانون الحالي للإنتخابات.

 

ويبقى أن زعيم المختارة وعلى حدّ قول مصادر مقربة منه وفي هذه المرحلة تبدو هواجسه كثيرة ومتشعّبة إن على صعيد جائحة كورونا، أو بالنسبة لتدهور الأوضاع الإجتماعية والمعيشية والمالية، وعلى هذه الخلفية أنشأ خلية أزمة في معظم مناطق الجبل وصولا ً إلى راشيا وحاصبيا والساحل، وذلك في موازاة العمل على المستوى السياسي، لتدوير الزوايا من خلال عدم الصدام مع أي طرف داخل الساحة الدرزية، وفي هذا الإطار أتى تواصله ولقاؤه الأخير مع النائب طلال إرسلان، إضافة إلى الإتصالات مع سائر القوى الدرزية التي تُصنّف من ضمن فريق 8 آذار، من أجل تحصين الجبل واستقراره.