استفاق وزير السياحة، ويدعى وليد نصَّار. ولا يُلام على نومة “أهل الكهف”. فمنذ تسلَّم حقيبته والانهيار يزداد، وصورة البلاد في تدهور مريع، فلا منتوجات سياحية يمكن ترويجها ولا بُنية تحتية تساعد الراغبين في القدوم الى لبنان للاستمتاع.
تشاء الصدف أن يكون صمت نصَّار “المهيب” أبلغ من أفعال سميِّه ورفيق ولائه وزير الكهرباء. وعلى أي حال، فهو ليس رجل مواقف ولا ترشح للانتخابات ليشغل الشاشات. أتى من حصة باسيل تتمة لعدد وزراء يمون عليهم “التيار”، وأبى إلا أن يودِّع آخر حكومات العهد بمبادرتين، ظاهرُهما عملي بسيط، وعمقهما يحتاج الى نقاش جدي.
سمح معاليه للمؤسسات السياحية بالتسعير بالدولار. قرار يريح المؤسسات من تقلبات سعر الصرف، ويتيح لها احتساب كلفتها الثابتة خصوصاً في ظل عبء الكهرباء. خطوة معقولة في زمن الفوضى الاقتصادية، رغم أن هدفها الأصلي اقتناص أموال المغتربين والسائحين لضخها في شريان المنظومة في الفترة الفاصلة عن نهاية العهد الجهنمي.
أما مبادرة “تخفيف” الصور والشعارات على طريق المطار، فهي مطلب أكثرية اللبنانيين لكنها اتخذت شكل توسّل معيب واستعطاف غير لائق لا بدولة ولا وزير. فذاك الطريق هو واجهة البلاد وواجبٌ أن يُزيَّن بما يعبّر عن جمال لبناني هو مُلك الجميع، وليس بشعارات سياسية وصور شخصيات في صلب الانقسام الوطني… ثم إن المشكلة الأساسية ليست في صوَر الطريق.
في طريقة طلب الوزير نصَّار من “الثنائي” أن يتلطف بالموسم السياحي ذميةٌ سياسية ليست جديرة إلا بفريق الوزير، وبالحكومة الميقاتية التي لا تجرؤ على مقاربة الموضوع إلا بالتحايل بدل التصرف بحكمة المسؤول وشجاعة تطبيق القانون على كل شارع ومنطقة بلا استثناء. لكن، لنكن واقعيين، ولنفترض أنه تم التجاوب مع الوزير من باب تمرير ثلاثة أشهر ضرورية ليجمع رياض سلامة كمية دولارات تساهم في ضبط سعر الصرف ولتلتقط قوى 8 آذار أنفاسها تمهيداً لاستكمال معركة الهيمنة على العهد الرئاسي المقبل، فهل تحل مشكلة مطار بيروت؟ وهل تتم السيطرة الرسمية على هذا المعبر الرئيسي بما يعيد بعض الثقة الدولية بالدولة اللبنانية؟
مثلما يتفاءل الوزير بأن يَلقى تمنيه اللطيف آذاناً صاغية على طريق المطار، فإن كل اللبنانيين يأملون معه أن يعود مطار بيروت نفسه درة مطارات الشرق الأوسط، يُمسكه جهاز شرعي واحد لا مجموعة أجهزة متنافرة الولاءات، وتحكمُه معايير المطارات الدولية، ويشعر السائح والمواطن، منه وإليه، بالأمان وراحة البال.
نشارك وزير السياحة التمنيات، لكن تجهيز مطار القليعات بحمايةٍ شرعية بلا شريك قد يكون أكثر واقعية وأقرب منالاً من هذا الحلم الجميل، وسيكون جاذباً لمسافرين كثيرين. أليست تنمية المناطق، وخصوصا الشمال، جزءاً من اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة التي يدعو اليها “التيار”؟ أم أن وعود الانتخابات تمحوها المحاصصة والصفقات؟