Site icon IMLebanon

سلام للراعي: لا أستطيب الفراغ وأسير بين النقاط

«من خارج الخدمة» يحضر الرئيس ميشال سليمان الى بكركي.

في انتظار ملء الكرسي الرئاسية يبدو سليمان الاقرب الى بعبدا ولو من جهة «مغادرة القصر». حضوره الى بكركي يتم التعامل معه، على طريقة معاملته لنفسه: رئيسا للجمهورية مع فارق بسيط يتمثل بـ «حِمل» أمني أخف لناحية عدد الحرس والتفتيش وبقية الاجراءات البروتوكولية لرئيس «في الخدمة».

بعد لقاء طويل مع البطريرك بشارة بطرس الراعي، أطلق تصريحا يمكن اعتباره نسخة منقحة عن عظة البطريرك الاحد الماضي اذ قال: «ندعم رئيس الحكومة تمام سلام في جهوده لتسيير الاعمال والحفاظ على موقع الرئاسة الاولى». اوساط كنسية تقول: «نحن ندعم تمام سلام المطالب بالرئاسة اولا والذي يدعو الى عدم اضاعة الوقت، مع تسيير الامور الاساسية للناس في الوقت الضائع».

في الواقع، لا يأتي هذا «التكرار» عن عبث. فهو يدل على مدى اقتناع زوار بكركي بمواقفها لدرجة تبنيها. ويدل كذلك على خشية حقيقية كانت تعتري البطريرك الراعي من «سرقة» الحكومة لصلاحيات الرئيس في وقت الفراغ. هذه الخشية عبّر عنها «غبطته» بشكل صريح امام رئيس الحكومة تمام سلام خلال زيارته السرايا الحكومية قبيل سفره الاخير الى روما. حمل اليه «هاجس ان تقوم الحكومة بخطوات تستغيب رئاسة الجمهورية». مضت الايام وعلقت جلسات الحكومة السلامية وما زالت معلقة حتى اليوم. والبطريرك قال في عظته الاخيرة ان «الحكومة تتولى صلاحيات رئاسة الجمهورية بالوكالة ولا مجال لممارستها الا بالتوافق وبذهنية تصريف الاعمال، لا بابتكار آليات تتنافى والدستور وكأن الفراغ الرئاسي امر عادي».

لا بد من الاشارة الى ان «لقاء المطار» في روما بين الراعي وسلام سادته، بحسب مطلعين، «اجواء من الود والصراحة قال خلالها رئيس الحكومة للبطريرك انه يسير بين النقاط، وانه حريص على ان لا يوحي بأن الحكومة تأخذ دور رئاسة الجمهورية». في ذاك اللقاء، قال سلام للبطريرك: «انا لا أستطيب الفراغ، لا بل انني مثلكم مستاء منه». شرح مسببات تعليق الجلسات. ويشرح متابعون «بأنه لو لم يكن هناك عقبات وعلامات استفهام وتفاديا لاي دعسة ناقصة، لما قام سلام بهذه الخطوة التي تعد خطوة حكيمة وربما تساهم في الضغط غير المباشر على النواب لانتخاب رئيس».

التعويل على هذا الهدف الذي تعده بكركي أولوية الاولويات، يمكن ان يرى النور انطلاقا من الحوارات الحاصلة، سواء على خط «حزب الله» ـ «تيار المستقبل» أو «القوات اللبنانية» و «التيار الوطني الحر». الكنيسة ترحب وتشجع. حتى ان البطريرك يذكر تلك الحوارات في صلواته. اوساط البطريرك تؤكد ان «الراعي لا يشجع الحوار المسيحي فحسب، وانما هو من اطلقه كونه انطلق عشية لقاء البطريرك بعيدا من الاعلام مع العماد ميشال عون الذي صرح في اليوم التالي بان ابواب الرابية مفتوحة لرئيس القوات سمير جعجع».

الاوساط نفسها تبتسم عندما تقرأ ما يكتب عن «اوساط فاتيكانية»، وتقول: «الفاتيكان لا يتعاطى بالزواريب ولا يعبّر عن رأيه الا بخطوط عريضة وبشكل مباشر من خلال الكرادلة، وفي مقدمهم البطريرك الراعي والسفارة البابوية». تذكر بـ«القلق الفاتيكاني الكبير حيال الفراغ الرئاسي ومصير الرئاسة والبلد، خصوصا ان الكرسي الرسولي ينظر الى هذا الموقع على انه الرئيس المسيحي الوحيد في الشرق وبالتالي يمثل لبنان بوابة الديمقراطية للمنطقة، ولطالما لعب هذ الدور». مستشهدة بما قاله البابا يوحنا بولس الثاني: «ان بقاء المسيحيين في لبنان هو شرط لبقاء المسيحيين في الشرق الاوسط».

وتكشف الأوساط ان الموفد الفرنسي فرانسوا جيرو قصد روما بشكل خاص لكي يجتمع بالبطريرك الراعي لانه لم يتسن له لقاؤه في بيروت». جيرو شدد امام البطريرك على «توافق المسيحيين على رئيس». فجاء رد الاخير بأن «المشكلة الرئاسية ليست شأنا مسيحيا صرفا وانما موضوع وطني بامتياز، وعلى جميع القوى تحمل مسؤولياتها في هذا الاطار. وانا كبطريرك لا يمكنني ان أقصي احدا عن الترشح او ان ازكي احدا، فنحن في بلد ديمقراطي والاتفاق على رئيس ينسف مبادئ الديمقراطية. وبالتالي الحل في ان يتوجه النواب لانتخاب الرئيس تحت قبة البرلمان ولو تتطلب الامر جلسات عديدة. انها مسؤولية كل القوى في الداخل.. وايضا حلفائهم في الخارج».