لا شيء يمكن ان ينسينا فلسطين. ومن قرّر منّا فعل ذلك، عمداً او لهواً، فسيأتيه من الجنوب ما يذكره بالارض المقدسة، وبالشعب الذي لا يزال وحده ــــ دون سائر الخلق ــــ من دون دولة وحقوق ومصير.
المقاومون والمقاومات، الافراد الشجعان، الاستشهاديون والاستشهاديات، هؤلاء الذين لا يتوقّفون عند مشاهد الدم والدموع في محيطهم القريب والبعيد، هم اصل الصورة.
لكن المشكلة تظهر عندما تتحول الاخبار السيئة الى مصدر الاهتمام، وتعيد تقديم فلسطين الى الواجهة.
ومن هذه الاخبار، هَبَل المسؤولين عندنا، من امنيين وسياسيين وغيرهم، ممن اعتقدوا بأن بناء جدار عازل حول مخيم عين الحلوة، يعالج مشكلات امنية مع بعض قاطنيه.
انه هَبَل، يمكن رفعه الى مستوى الجنون… او الى اكثر فيما لو جرى التدقيق في خلفيات من اشتغل للوصول الى هذا القرار ومن يحرص على تنفيذه. انه عمل غبي امنياً، ومتدنٍّ اخلاقياً، وبائس سياسياً. وقبل ذلك كله، انه التماهي مع الارهاب العالمي الذي تديره الولايات المتحدة واسرائيل، حيث كل شيء مباح ضمن استراتيجية العزل. وهي استراتيجية تقول بطرد من لا يقبل قيادتنا، وبعزل من يصعب طرده او قتله. وشرط هذه الاستراتيجية ان تجعل من المشمولين بالقرار لا يمتون الى البشرية بصلة، وأن تقرر جهة ارهابية ان هؤلاء ليسوا من صنف البشر، او انهم من درجات ثانية وثالثة وبالتالي يجب معاملتهم هكذا.
اي غبي هذا الذي لم يتعلّم من ان كل جدران العزل في العالم لم تحقق يوماً غرض كبح جماح معترض او محاصرة مجرم. واي عبقري هذا الذي يعتقد بأن علاج مشكلة مطلوبين في مخيم عين الحلوة، سيكون سلساً ومثمرا عبر هذه الوسيلة؟
الوقت لم يفت، ليس لتعود السلطات عن القرار، بل ليخرج اهل المخيم، ويلاقوا ابناء الجوار، هادمين اسس هذا الجدار.. اما المشكلة الامنية، فلتتعب القوى الامنية جيدا، وليجرِ الضغط على الفصائل، لا على الناس الذين يضيقون ذرعا بالفصائل قبل المطلوبين. عندما يشعر ابن المخيم بأن هناك من يضمن له الحق في حياة عادية، سيكون هو من يقود الامر.