كم عزّ عليّ عندما استمعت الى وزير خارجية سوريا وليد المعلم، عندما قال بأنّ سوريا لا تهمّها كل العقوبات المفروضة عليها وبالأخص «عقوبات قيصر»، وبأنّ تاريخ سوريا يشهد لها أنها استطاعت أن تصبر وتصمد أمام كل المؤامرات والضغوطات التي تمارس عليها، وأنّ الشعب السوري، كما أسقط مؤامرة الانقلاب على النظام من قِبَل الإرهابيين، ونجح عسكرياً في القضاء على الارهاب، قادر على الصمود أمام المؤامرات اللاحقة.
أنا أعرف وزير الخارجية السوري وليد المعلم، منذ كان سفيراً لبلاده في الولايات المتحدة الاميركية، وهو لعب دوراً بارزاً أثناء اتفاق تمّ بين سوريا وإسرائيل في التسعينات ١٩٩٣ أيام المرحوم حافظ الأسد.
و»وديعة رابين»، تعهد قدّمه رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق اسحاق رابين في حزيران ١٩٩٤ يتضمن الانسحاب من الأراضي السورية التي احتلتها إسرائيل في حرب حزيران ١٩٦٧ مقابل علاقات ثنائية وديبلوماسية كاملة بين البلدين.
الخلاف الوحيد في هذا التعهّد كان على ٨ أمتار من بحيرة طبريا حيث أشار الرئيس حافظ الاسد بالقول: عندما كنت صغيراً، كنت اصطاد سمكاً من البحيرة، وأنا أريد العودة الى هذه الهواية، واقتراح الرئيس الأسد أن تكون مياه البحيرة لإسرائيل (أي أن تزوّد إسرائيل بمياه البحيرة) وأن تكون الأرض لسوريا، وبرزت مشكلة أخرى هي أنه إذا زادت الأمطار كثرت المياه وتقلّصت الأرض والعكس صحيح، من هنا برزت قضية الأمتار الثمانية موضوع الخلاف، وإزاء هذا الموقف اتفق الجانبان على تأجيل إيجاد حل الى ما بعد الانتخابات الاسرائيلية وعودة رابين قوياً… ولكن اتضح أنّ إسرائيل لا تريد السلام، وأضاعت أهم فرصة للسلام.
أقول هذا الكلام لأشير الى الدور الذي لعبه سفير سوريا لدى الولايات المتحدة في ذلك الوقت ووزير الخارجية الأسبق وليد المعلم ولكن بتوجيه من الرئيس حافظ الأسد.
أعود الى ما قاله المعلم مذكّراً إياه بوزير الخارجية الأسبق ونائب رئيس الجمهورية فاروق الشرع حين صرّح قائلاً في العام ٢٠٠٤ بعد إعلان القرار الصادر عن مجلس الأمن رقم ١٥٥٩ «إنّ هذا القرار مثله مثل بقية القرارات التي أصدرها مجلس الأمن ضد إسرائيل، ولم ينفّذ منها أي قرار» كما أذكّر بقوله بعد أربعة أشهر: «إننا دخلنا الى لبنان بطلب من السلطة الشرعية، ولن نخرج إلاّ بقرار منها».
واغتيل الرئيس رفيق الحريري في ١٤ شباط ٢٠٠٥، واعتبره اللبنانيون شهيد الوطن بأكمله، وصدر القرار بانسحاب الجيش السوري من لبنان، فخرج بصورة غير لائقة كنا لا نتمنى حدوثها.
نذكر هذا الكلام لنقول لوليد المعلم: كفانا عنتريات، فالناس جميعهم باتوا لا يقبلون مثل هذه المواقف.
المعلم يعرف تماماً أنّ نصف الشعب السوري (حوالى ١٢ مليوناً) مهجرون، وأنّ مستشفيات سوريا ومعالمها السياحية والأثرية مدمرة… وأنّ الليرة السورية منهارة تماماً إزاء الدولار الذي بات يساوي ٣ آلاف ليرة وأكثر بعدما كان الدولار قديماً يساوي خمسين ليرة تقريباً…
ونذكّره بانهيار العملة الايرانية حيث كان كل ٥ تومان بدولار، صار الدولار يساوي ٢٠٠ ألف تومان حالياً… كما نذكّره بأنّ هذا انسحب أيضاً على لبنان حيث ارتفع الدولار مقابل الليرة اللبنانية خيالياً.
ونسأله: ماذا فعلت الممانعة لمدينة القدس وماذا حرّرت منها؟ و»الحزب العظيم» كم المساحة التي حرّرها من فلسطين المحتلة؟
كفى عنتريات… فلم نعد نتقبّل كلاماً تافهاً… وارحموا الشعوب فقد سئمت من المواقف العنترية.