ليس من موجب لهذه الحرب الطاحنة الدائرة رحاها في المواقف المعبّر عنها بالبيانات والتصريحات ومقدمات نشرات الأخبار خصوصاً في مواقع التواصل الإجتماعي.
إنها، في تقديرنا، حرب مجانية لا موجب لها… وهي حرب خاسرة لن يكون فيها رابح. فلا التيار الوطني الحر ورئيسه الوزير جبران باسيل سيكونان رابحين ولا حركة أمل والرئيس نبيه بري سيكونان رابحين.
وهل نشطح بعيداً، إذا قلنا إن «طراطيش» هذه الحرب ستتطاول، أو إنها بدأت تطاول فعلاً، العهد وسيده؟!
إنها، في الظاهر، «حرب دستورية»… واللبنانيون الذين كواهم حليب الأحداث والتطورات اللبنانية لا يرون موجباً لتحميل الدستور أي مسؤولية، سيّان أكان التفسير يأتي من هيئة القضايا والإستشارات في وزارة العدل (التي أفتت لمصلحة دستورية توقيع المرسوم المرتبط بدورة الضباط الشهيرة)، أو كان من مجلس النواب الذي لم يعرض عليه الموضوع بعد، وقد لا يعرض عليه أبداً.
نعرف، كما يعرف اللبنانيون جميعاً، أنّها ليست قضية رمّانة، بل هي قضية «قلوب مليانة» … ولكن مهما كانت «الأسباب الموجبة» فلا يجوز ان تستمر هذه الحرب العبثية لأن أضرارها لا تقتصر على الخاسرين الأكبرين فيها، بل تتجاوزهما الى البلد كلّه.
ونود أن نسأل: إذا كان الرئيس سعد الحريري لم يجد «المدخل» الذي يمكن أن يلجه الى الحل، واذا كان الوزير وليد جنبلاط يبدو غير معني بما يجري إلاّ من حيث معاينة المشهد ربما بارتياح وبـ… تغريدات (غير مباشرة)، وإذا كانت الأطياف والهيئات الأخرى تتفرّج غير منزعجة، وبعضها شامت بمن هنا وسواه شامت بمن هناك، وثالث شامت بالـ«هنا وهناك» معاً، يبقى السؤال: ما هو دور حزب اللّه ازاء خلاف حاد ناشب بين أهم حليفين له في لبنان؟!
والسؤال يتفرّع أسئلة:
هل بادر حزب الله فعلاً؟ وهل صحيحة هي التقارير التي أفادت أن الحزب بادر ولم يوفق؟ وهل صحيح أن حزب اللّه لو أراد لتمكن من التوصل الى هدنة بين حليفيه؟ وهل صحيح أن للحزب مصلحة في أن تستنفد هذه «الحرب» طرفيها في آن معاً فيكون الطرفان في حاجة ماسّة الى الحزب.
والسؤال الأكبر: كيق يوفق حزب اللّه بين تحالفه الإنتخابي مع حليفين تدور بينهما رحى حرب سياسية ضروس؟ خصوصاً وأن هذين الحليفين للحزب المتحاربين في ما بينهما، يتقاطعان في مناطق انتخابية عديدة أبرزها خمس: كسروان – جبيل، بعبدا المتن – الجنوبي، جزين – صيدا، زحلة، ومرجعيون!
و«الحزب» موجود بالضرورة في تلك الدوائر، وله فيها دور بارز فكيف سيكون حليفاً انتخابياً مع من يكمل وإياه الثنائية الشيعية» الشهيرة؟ وفي الوقت ذاته كيف سيكون حليفاً إنتخابياً للتيار الوطني الحر؟
فهل مضى زمن اجتراح العجائب كتلك المعجزة في تمرير انتخابات رئاسة الجمهورية من دون أن يؤثر تمسكه بالجنرال عون على ثنائيته (وحلفه الثابت) مع الأستاذ نبيه بري؟
بارقة أمل بدت أمس في الكلام الذي نسبه أمين سر تكتل الإصلاح والتغيير النائب ابراهيم كنعان الى الرئيس ميشال عون بأنه «منفتح على أي طرح لا يشكل سابقة».
… وعلى حلّالي العقد أن «يحكّوا جبينهم» بحثاً عن هذا الحل.