اذا كان يسجل لـ«حزب الله» نجاحه من خلال حرفية تنفيذها في لحظة بالغة الدقة، سددت ضربة للجيش الاسرائيلي، التي جاءت متوقعة في حدودها الجغرافية والزمانية، لجهة عدم الدفع باتجاه الحرب الشاملة من خلال استهداف مواقع مدنية، بين في مكان ما نجاح الحزب في اختراق الاجراءات الاسرائيلية «من وراء الحدود» هذه المرة ما سمح له بتنفيذ عمليته التي تخطت في اهميتها عدد القتلى والجرحى والآليات المدمرة الى توجيه رسالة حول قدرته الرصد وجمع المعلومات الاستخباراتية بشكل سريع والتعامل معها، رغم التدابير المتخذة، وهو ما تظهره العملية حيث يتوقف المحللون العسكريون عند بعض النقاط:
– تنفيذ العملية جاء من داخل الحدود اللبنانية عن بعد اربع الى خمس كيلومترات عن موقع القافلة المستهدفة.
– استخدام صواريخ «الكورنيت» من الجيل الرابع الاحدث من هذا النوع، في مؤشر واضح الى تعزيز الحزب لقدراته المضادة للدروع بعد حرب تموز.
– تفجير عبوة مموهة بداية اعقبها اطلاق الصواريخ الموجهة.
– الوحدة التي نفذت العملية تتبع للقوات الخاصة في الحزب التي استهدف قادتها في غارة القنيطرة.
– دقة التنفيذ التي ميزت العملية وسرعة انسحاب المقاتلين من مكان الكمين حاملين معهم منصات الاطلاق في وضح النهار، خاصة ان المعلومات المتوافرة تتحدث عن قضائهم متخفين لاكثر من 12 ساعة مستفدين من الطبيعة الجغرافية للمنطقة.
– قيام مدفعية الحزب بتغطية انسحاب القوة المهاجمة، من خلال قصف بالهاون طاول مواقع السماقة والعلم ورمثا والعباسية والغجر.
– عدم حصول اي اشتباك او اطلاق نار خفيف او متوسط بين الطرفين، ما يوحي بان العملية نفذت من مكان بعيد نسبيا.
– نجاح حزب الله نسبيا في افشال خطة اسرائيل بتغيير قواعد الاشتباك وان مؤقتا.
– ارسال الحزب قبل اربع وعشرين ساعة من العملية رسالة «جس نبض» عبر الصاروخين اللقيطين في الجولان، اللذين دفع باسرائيل الى اخلاء منطقة جبل الشيخ من المدنيين.
– التزام الحزب بالرد في منطقة «عمليات تاريخية» بين الطرفين باعتبارها «منطقة لبنانية محتلة»، محترما بذلك «الستاتيكو» العسكري والسياسي القائم بين الطرفين برعاية دولية وتحت اشراف الامم المتحدة.
– ادراجه للعملية تحت راية البيان الوزاري للحكومات المتعاقبة، وبينها الحكومة الحالية، الذي شرع كل السبل لاسترجاع المزارع المحتلة بما فيها العمل المقاوم،ساحبا بذلك الحجج التي قد تستخدم ضده في الداخل اللبناني وابقائه ردود الفعل السياسية الداخلية ضمن الاطار المقبول، خصوصا انه لا يرغب في افشال الحوار القائم بينه وبين تيار المستقبل التي تؤكد المعلومات انه لن ينهار وان اهتز.
– حصول الاستهداف في منطقة لا تتبع لولاية القرار 1701 وانما لعمليات «الاندوف».
– سخونة رسالة الحزب اظهرت للطرف الاسرائيلي «الهوية الإيرانية» للعملية بدليل الموقف الفوري الداعم للمسؤولين الايرانيين الذي اوصل بمستشار الامن القومي الاميرال علاء الدين بروجردي الى بيروت – سبق واعلن ان انتقام مجاهدي حزب الله سيكون قاسيا-، بدليل تاكيد رئيس الوزراء الاسرائيلي وقوف طهران وراء العملية
– اثبت الحزب امتلاكه القدرة على القتال في سوريا وصولاً إلى مزارع شبعا مرورا بالجولان لأن المعركة متكاملة.، وهو ما تجلى في رد الحزب على القصف الاسرائيلي للاراضي اللبنانية باستهداف موقع اسرائيلي في جبل الشيخ من منطقة القنيطرة، ما نقل «توحيد الجبهة» الى المرحلة العملية.
– نجح حزب الله في استيعاب رغبة شارعه المتعطش للانتقام منذ عام 2008 ردا على قتل قادته من عماد مغنية مرورا باللقيس وصولا الى مغنية الابن ومن كان معه، خاطبا ود الشارع والجمهور المنتشي بانتصاره.
– جاءت عملية «شهداء القنيطرة» في مزارع شبعا، والتي بدا فيها «حزب الله» وكأنه «يدوْزن» الرد على غارة القنيطرة، عشية اطلالة امينه العام السيد حسن نصرالله.
– تفادي الحزب اسر اي جندي حياً او ميتاً، لعدم رغبته الى حرب واسعة كما حصل في العام 2006
– اختيارالرد من جنوب لبنان وليس من سوريا، مرده، الى اعتبار الحزب ان اي رد من سوريا كانت ستتبعه ضربة اسرائيلية للقوات السورية
اذن نتيجة الاصابات التسع لم تكن الاهم، تقول مصادر في 8 آذار، اذ تبدو اسرائيل حتى اللحظة كمن اضطر الى بلع الضربة، والمؤشرات على ذلك كثيرة، اولها رد تل ابيب الذي اقتصر على القصف المدفعي الروتيني، ثانيها تعتيم الاعلام العسكري الاسرائيلي على الضربة لساعات بدل ان يبادل الى التضخيم والتعبئة والاستثمار في الدم، ابلاغ قيادة القوات الدولية بانتهاء الرد والطلب الى المستعمرين العودة الى ممارسة حياتهم الطبيعية.
سياسة الصمت التي اتبعها حزب الله بعد اصداره البلاغ رقم واحد، ينتظر ان تكسرها اطلالة الامين العام السيد حسن نصر الله بعدما توفرت له «المادة الدسمة»، التي قيل ان خطابه تأجل لحين توفرها. فسيناريو الرد، لم تكتمل فصوله بعد، بدليل أن بيان إعلان المسؤولية حمل الرقم واحد، وفي ذلك إشارة واضحة عن وجود سلسلة قد تأتي تباعًا، وصولا الى «الحرب الموعودة» الذي يجمع المحللون على انها قادمة لا محال بعد انتخابات «الكنيست»، حيث سيكون الشعب الاسرائيلي قد حسم خياراته ما سيعطي الحكومة الجديدة هامشاً أكبر للتحرك ميدانياً.