ترك القرار ٢٢٥٤ الذي أصدره مجلس الأمن الباب مفتوحاً أمام التأويلات في شأن مستقبل الرئيس بشار الأسد. بل ذهب البعض الى اعتبار شخصه جزءاً من خريطة الطريق الطموحة لمسار التسوية المرجوة في سوريا. سيتمكن من البقاء حيث هو – على الأقل – خلال الأشهر الـ٢٤ المقبلة للمرحلة الإنتقالية والإنتخابات “الحرة والنزيهة” في إشراف الأمم المتحدة. تبدو هذه المسافة الزمنية دهراً.
تبدو دهراً لأن السنوات الخمس الأخيرة أدت الى مقتل وجرح وتهجير هذا العدد الهائل من السوريين، والى المساهمة في ظهور بعض أخطر الجماعات الإرهابية على أرض سوريا المدمرة. لا شيء يمنع الأسد – بموجب القرار الجديد – من الترشح للإنتخابات الرئاسية عملاً بدستور جديد يمكن صوغه خلال السنتين المقبلتين. هناك من يعتقد أن وصفة “الأسد الى الأبد” هي الأجدى ليس فقط لما كانت عليه حال سوريا، بل لما آلت اليه حالها أيضاً. ليس أمام الواقفين على الضفة الأخرى من نهر الدماء الجاري إلا أن يتأملوا نهاية هذه الوصفة مع الإنتخابات الموعودة طبقاً لـ”أرفع المعايير الدولية من حيث الشفافية والمساءلة”. هذا ما يمكن أن يحصل مطلع ٢٠١٨ على أقرب تقدير.
الأسد جزء لا بد منه في عملية وقف النار التي يجب أن تبدأ في نهاية كانون الثاني ٢٠١٦ في كل أنحاء سوريا بين القوات الحكومية وقوى المعارضة. كيف يمكن أن يحصل ذلك إذا لم يكن هناك اتفاق على تحديد ما ومن هي هذه المعارضة؟ يمكن أن يؤدي الخلاف العميق في هذا الموضوع الى إحباط الخطوة الأولى – البسيطة نسبياً – في خريطة الطريق المرسومة في القرار ٢٢٥٤. بل أن مواصلة الحرب خلال المرحلة الإنتقالية ضد “الدولة الإسلامية – داعش” و”جبهة النصرة” وغيرهما من الجماعات المرتبطة بتنظيم “القاعدة” ومذهبه الإرهابي، يمكن أن يتحوّل مشكلة عوض الحل. كيف يمكن ومن يريد ارسال مراقبين دوليين الى سوريا لمراقبة وقف النار؟
ولد القرار ٢٢٥٤ بعد ساعات طويلة من المفاوضات “الصعبة والمعقدة” وخصوصاً بين الولايات المتحدة وروسيا. أدرك وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن أي ضغط لن يغيّر في الوقت الراهن موقف نظيره الروسي سيرغي لافروف من الأسد. الإصرار على وضع جدول زمني محدد لرحيل الأسد كان سيفجر المفاوضات على خريطة طريق الإنتقال السياسي في سوريا. رحّلا خلافاتهما على دور السعودية مع قوى المعارضة السورية، على رغم قبول واشنطن بالإشارة الى لقاءات موسكو والقاهرة ضمن هذه المعارضة. هل تقبل ايران بتغيير المعادلات على طاولة المفاوضات بعدما أحبطتها بالتعاون مع روسيا في الميدان؟
الأسد سيبقى في الوقت الراهن حيث هو. أما سوريا فحبر على الورق ودماء على الأرض.