يقاتل الجيش اللبناني إرهابيين في الشمال. وسبق ان قاتل وصدّ امثالهم في عرسال.. وبعضٌ ممانع «يتوقع» له ان يدخل في تجربة أخرى في البلدة البقاعية مجدداً(؟).
أحكام الواجب تفرض في التفصيل والعموم والمبتدأ والخبر والخاص والعام والسر والعلن، دعم الجيش الوطني وتقدير تضحياته ودوره وبطولاته والترحم على شهدائه الابطال… ولا شيء في هذا المقام غير ذلك. وكل رهان أو خيار آخر باطل حُكماً، وخصوصاً عند أهل الدولة ومشروعها والباحثين عن اقتدارها وعلو كعبها ونفوذها وعودتها سيّدة تامّة، حاضرة ناضرة، لا ضرّة لها ولا من يحزنون أو يطمحون!
لكن اللبنانيين في عمومهم أمام معضلة مزدوجة تتوضح حيثياتها صعوداً: يدفعون غصباً عنهم أثمان خطايا غيرهم. ويؤخذون غصباً عنهم الى رصد أداء متناقض متأتٍ من شعور جزء منهم انهم أولاد جارية فيما جزء آخر أولاد ست.
المعضلة في اساسها، هي ان كل هذه المعارك الدموية الاستنزافية ليست سوى ترداد صدى للحرب التي فتحها «حزب الله» مع الداخل السوري. ولا شيء يُعدّل في هذه الصورة أو يمحوها: تلك هي الخطيئة الاولى. والباقي متناسل منها ودالف من سقفها. ومعربش على حوافيها. ومفتر أو كيدي تأويلي غرضي وغير موزون من يتنكّر لذلك، ويعود الى تسويق تلك القصة التي لا تليق بأي قارئ حصيف عن «الحرب الاستباقية»، او عن «اننا لو لم نذهب إليهم لكانوا وصلوا الينا»!
الفارق الجوهري الكبير والاساسي بين «حزب الله» وغيره، هو انه ذهب بقرار مركزي واضح الى سوريا وأخذ معه ميثاق عيش اللبنانيين ورماه في البحر. ثم وضع لبنان في خانة خياراته الاقليمية ولم يأبه لأي شيء آخر. وهو وإن أدخل الناس في متاهات الضخّ التمويهي عن اسباب تدخله، فان اسياده في إيران لم يفعلوا ذلك، بل قالوا ويقولون بالفم الملآن ان «حربهم» في سوريا مصيرية! ولولا تدخلهم لسقط بشار الاسد منذ زمن!
وتدخلهم هناك، أبعاده دينية ومذهبية بقدر ما هي سياسية واستراتيجية.. أم ان الأمر ليس كذلك؟
غير «حزب الله» من اللبنانيين لم يفعل ما فعله، لا بقرار مركزي ولا بغيره، بل العكس هو الصحيح: الخيار كان (ولا يزال) التزام «إعلان بعبدا» وتفويت كل فرصة لمد الحريق السوري الى الداخل اللبناني، وترك بشّار الاسد مع غيظه يغلّ في داخله ولا يبرأ.. ثم الذهاب في الاتجاه الآخر: الى دعم الجيش الى آخر المطاف والدنيا.
.. على حوافي حرب «حزب الله» في سوريا، تدور هذه المعارك في لبنان، ويُستهدَف الجيش بهذه الطريقة المخزية.