ـ 1 ـ
… لماذا يغنون «وطني حبيبي…. الوطن الأكبر» في بروفة حرب «سنة وشيعة»؟
هل هذا من أجل إيقاظ «روح قومية» تقاوم المذهبية اللعينة؟ ام انه بحث عن رايات في»حرب» تشبه الفخ.. او الاعلان عن قوة تجرب خروجها من «كبسولتها» كما لم تفعل من قبل؟.
السعودية تعلن أنها تقود تحالفاً سنياً يدافع عن «سلطته» بينما الحلفاء، مثل مصر، تبحث في «دواليبها» عن راية قديمة، وعن أشكال تغرق الآن في بيروقراطيتها المزركشة بالشعارات والمغطاة بمشروع دخل السرداب قبل ان يولد، مثل «القوة العربية المشتركة».
المشروع أُعلن عنه ليكون راية مصر في (تحالف سلطوي سني) تريده السعودية دفاعاً عن إبقاء اليمن رهينتها، وإبقاء تحالفها الداخلي دفاعاً عن الثروة.
الغناء والالتجاء إلى كيانات بيروقراطية مثل الجامعة العربية وقمتها، هو بحث في «دواليب» قديمة، او ارتكان إلى ما لم يعد فاعلا في مقابل فعل تغيير «الحكم السعودي» بذاته، فالعاصفة على اليمن تعبر عن تراكم القوة المسلحة التي دفعت فيها مليارات لا حدود لها، ولم تُستخدم، وجاء وقت لرسالة من نوع: «لدينا سلاح… ولا نحتاج ان يدافع عنا أحد… بل إننا بفائض السلاح والمال يمكن أن نقود حرباً….» وهذه نقطة تحول كبيرة.
بل إنها النقطة التي تجعل من الحرب «إعلاناً» عن خروج السعودية من كبسولاتها او انفجار «الحويصلة» التي كانت تسيطر بها شركة آل سعود وآل الشيخ على الثروة والسلطة في قلب الجزيرة العربية، ولم تجد مغناطيساً اكثر مما يمنحه بحث إيران عن دور إقليمي أكثر اتساعاً من حزازات مذهبية وصراعات يجري الشحن لها بين السنة والشيعة.
ـ 2 ـ
هكذا فإن الجزء المنتمي إلى «ما قبل» الدولة الحديثة يقود المنطقة إلى مجهولها المرعب.
الحداثة تتألق فقط كأدوات حرب، أو ميديا تحشد على كل لون، ومجتمعات تعيش أسيرة أطماع مافياوات حاكمة.
هذه حرب هدفها توقيف الثورة، لا كما عرفت فقط في بلاد سميت «الربيع العربي»، لكنها طاقة التجديد العابرة التي مرت من هنا وواجهتها «الحرب» الشرسة من «امبراطوريات البَلادة» التي تجعل الناس في هذه البقعة من العالم رهائن.
البَلادة اخترعت لها اسماء مثل «الاستقرار» او «الدفاع عن الدولة» لتطلق عنان جيوشها تكبح «الأقليات» المتمردة على الطغيان الحاكم، وها هي العاصفة على اليمن تكشف خديعة التسمية. وسيخفت صوت الحرب التي لم تعد على «الإرهاب»… الإرهاب الذي كانت البروباغندا الصاخبة تهدر به في الشهور الماضية، ليعلو الصوت ضد «التوسع الإيراني» الذي كان محكوماً بتوازنات علاقة بين واشنطن وطهران والرياض، توازنات هشة وصيغ انتهت صلاحيتها.
خفوت صوت الحرب على الإرهاب سيؤثر في تهيئة أجواء حربية، ستتحول أحياناً إلى خلفية درامية لجلسات سرية تعيد هندسة الأوزان والمواقع، وأحيانا أخرى ستكون ذريعة تثبيت أنظمة، ودائماً لتأجيل طلبات الحرية والعدالة وبناء دول لا تحكمها عصابات المال والسلاح.
ـ 3 ـ
هذه حرب لا توقظ الذاكرة كما كان نيتشه يظنها.
تضيق الصورة ليصبح الناس في هذه المنطقة رهائن عند من يبنون عروشهم على الدم، رهائن باسم المذهب او الدين او الوطن.
التورط في حشد خلف هذه الحرب تحت أية راية متخيلة لتمتين حكم العصابات في هذه المنطقة، واستمرار الحياة كرهائن نبتسم ونصفق وننحاز إلى الرايات المرتبكة… فالذي يحارب الإخوان في سوريا يؤيدهم في اليمن، و»داعش» الخارجة من بنات أفكار وخزائن أمراء البترول وعباقرة «السي أي إيه» تقضم الجغرافيا وتسمح للأحلام الامبراطورية النائمة في مخازن التاريخ والذاكرة، بالاستيقاظ في هذه الفوضى…