Site icon IMLebanon

“الحزب” أمام رسالة واحدة من المعارضة وجنبلاط وباسيل

 

 

يؤثر المسؤولون في «حزب الله» عدم التصريح عن احتمالية الحرب المفتوحة مع إسرائيل ربطاً بالعملية الإسرائيلية في قطاع غزة رداً على «طوفان الأقصى»، انطلاقاً من معادلة «وحدة الساحات» التي تجمع محور الممانعة في المنطقة. يتلقّى «الحزب» تحذيرات دولية وداخلية مباشرة وغير مباشرة من مغبّة التورُّط في هذه الحرب، ويردّ بأنّ له تقدير الموقف بحسب المجريات. لكن يبقى القرار رهن «حسابات» «حزب الله» أو إيران، من دون قدرة للحكومة اللبنانية أو لأي طرف آخر على لجم «الحزب» أو التأثير في قراره.

 

على الرغم من المناوشات والاستهدافات المتبادلة بين «الحزب» وإسرائيل جنوباً، إلّا أنّ «الوضع لا يزال تحت السيطرة»، بحسب مصادر مسؤولة، لكن مع بقاء احتمال اندلاع حرب واسعة قائماً، إذ قد تفرض إسرائيل هذه الحرب وتجرّ «الحزب» إليها أو يبادر «حزب الله» إلى شنّها. إذ طالما أنّ العملية الإسرائيلية العسكرية في قطاع غزة مستمرّة سيبقى الترقّب سيّد الموقف، خصوصاً إذا توسّعت هذه العملية وشملت هجوماً برياً على غزة أو وصلت حركة «حماس» إلى حدّ عدم التمكّن من الصمود.

 

فما نفع التحذيرات الموجّهة إلى «الحزب» وأيّ جدوى منها، طالما أنّ القوى المعارضة تعتبر أنّ قرار «الحزب» إيراني والقوى غير المعارضة لـ»الحزب» وحتى الصديقة له تقرّ بأنّ حساباته إقليمية؟

 

تعتبر قوى سياسية عدّة أنّ قرار الحرب مع إسرائيل يُتّخذ في طهران، فإيران تترك لـ»الحزب» هامشاً لاتّخاذ قرارات في الداخل اللبناني على مستوى رئاستي الجمهورية والحكومة والانتخابات النيابية، إنّما في المسألة الإقليمية لا يُمكن أن يتفرّد «الحزب» بأي قرار. وتذكّر جهات سياسية معارضة بقول الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله عند انخراط «الحزب» في الحرب السورية: «اجتمعت بالسيد علي خامنئي (المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية) وأقنعته بضرورة أن يقاتل «حزب الله» في سوريا». كذلك وعد نصرالله المشاركين في طاولة الحوار عام 2006، رداً على مداخلة الرئيس فؤاد السنيورة، بـ»صيفٍ هادئ»، ثمّ حصلت حرب تموز، ما يدلّ على أنّ قرار الحرب لدى إيران وليس «حزب الله».

 

لكن على الرغم من ذلك، يجب التمييز، بحسب هذه الجهات، بين أنّ هذا قرار إيراني لا يتأثّر بأي موقف لبناني وبين أنّ القوى السياسية اللبنانية والمجتمع الدولي معنيّون بالتحذير. وبمعزل عمّا إذا كان هذا التحذير يؤثّر أو يوصل إلى نتيجة، إلّا أنّ القوى السياسية معنية بأن تقول لـ»الحزب» إنّه لا يمكنه أن يورّط البلد. وهذه الرسالة واحدة من مختلف القوى المعارضة أو الصديقة لـ»الحزب»، بحسب الجهات إيّاها، إنّما «كلّ فريق يقولها على طريقته».

 

قد تختلف طريقة المعارضة عن طريقة الرئيس السابق لـ»الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط وعن طريقة رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، في دعوة «الحزب» إلى عدم توريط البلد في حرب مع إسرائيل. وبحسب هذه الجهات، إنّ أي استفتاء، يظهر أنّ جميع اللبنانيين ضدّ هذه الحرب. إنطلاقاً من ذلك، إنّ الاستثمار في «الموقف المتوازن» لجنبلاط على هذا المستوى على غرار موقفه «المتوازن» رئاسياً على الطريقة «الجنبلاطية»، أو بمواقف باسيل الداعمة لـ»المقاومة»، ليس في مكانه، إذ رغم تمايز مواقف المعارضة وجنبلاط وباسيل، يبقى «جوهر» الموقف واحداً، وهو ضرورة عدم إقحام لبنان في هذه الحرب وتحييده والنأي به والحفاظ عليه.

 

جنبلاط أكد خلال حديث تلفزيوني، في 11 من الجاري، «الوقوف إلى جانب الشعب الجنوبي وكلّ من يتعرّض للاعتداء من قبل إسرائيل»، رداً على سؤال عمّا إذا كان سيقف إلى جانب «حزب الله» إذا شنّت إسرائيل حرباً على لبنان. لكنّه وقبل الإجابة عن هذا السؤال، أعلن أنّه نصح «حزب الله» رسمياً و بشكل غير رسمي بأن «لا يُستدرج». ووجّه رسالة إلى نصرالله، وقال: «أعلم أنّ حساباته ليست فقط لبنانية، بل إقليمية، إذ إنّه لاعب أساس في الإقليم، وقد يكون هو الذي يقرّر أو لا، ولكن أكرّر التمنّي بأن لا يُستدرج».

 

أمّا باسيل، فأعرب في أكثر من موقف ومناسبة عن مناصرة الفلسطينيين في هذه الحرب، لكن محذراً في الوقت نفسه من «فتح لاند» أخرى في لبنان. وسأل في كلمته في ذكرى 13 تشرين: «ألا يحق لنا أن نرفض في وقت واحد العمالة وجعل وطننا ساحة بدلاً من أن يكون دولة؟». وقال أيضاً: «لقد كلّف توحيد بندقية المقاومة كثيراً لتكون فاعلة، فهل تهدر هذه المنافع لصالح توحيد ساحات لا نملك كلبنانيين قراراتها؟ لا بل عرفنا أين كان قرار بعضها تائهاً منذ بضع سنوات في حرب سوريا. وهل تهدر المنافع لكي يشرّع بلدنا على مخاطر ندرك جميعاً أثمانها؟».

 

في المقابل، كان نواب المعارضة مباشرين بتحذير «حزب الله»، وأكدوا في بيان، أن «لا للحرب، لا لجرّ لبنان نحو الدمار، لا لتحكُّم أي كان بسيادة لبنان وبقرار الحرب والسلم، لا لإدخالنا في مجهول مغامرات لا مصلحة للبنان فيها».

 

هذه التحذيرات تكمن أهميّتها، بحسب جهات سياسية، بأنّ أحداً لا يقول لـ»حزب الله»: «نشدّ على يدك في الذهاب إلى الحرب»، بل إنّ الجميع يشدّد على ضرورة تحييد لبنان، وبالتالي لا غطاء سياسياً أو وطنياً أو شعبياً أو حكومياً لـ»الحزب» على هذا المستوى، بالتوازي مع التحذيرات الخارجية.