IMLebanon

طبول الحرب

هل يصح ما ذهب إليه محللون غربيون من أن المنطقة الشرق أوسطية باتت على أبواب حرب مدمرة بين الولايات المتحدة الأميركية وجمهورية إيران الإسلاميةو وأن هذه الحرب باتت متوقعة بين أسبوع وآخر الا إذا نجحت الدول الأوروبية في إخماد نار هذه الحرب قبل وقوعها بالتوصل إلى تسوية بين الولايات المتحدة وإيران تعيد الأخيرة إلى طاولة المفاوضات لكبح مشروعها النووي.

 

هؤلاء المحللون يستندون إلى آخر التصريحات والمواقف التي صدرت عن مسؤولي إيران في الأيام القليلة الماضية رداً على التهديد الأميركي بشن حرب عليها بعد اتهامها بأعمال التخريب التي تعرّضت لها بواخر تجارية تمر في خليج هرمز والتي ترافقت مع تصريحات المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي، تقول ببدء العد العكسي لإنتاج 300 كلغ من اليورانيوم منخفض التخصيب سيزداد بسرعة بعد 27 حزيران الجاري ومن ثم تأكيده دخول دولته المرحلة الثانية لتخفّض التزاماتها في الاتفاق النووي الذي يعتمد على التزام الدول الأوروبية.

 

المحللون يعتبرون ان هذه التصريحات تأتي من ضمن سلسلة خطوات تصعيدية اتخذتها الجمهورية الإسلامية كمحاولة منها للضغط على الولايات المتحدة وعلى القوى الدولية الأخرى التي وقعت على الاتفاق النووي للتخفيف من طوق العقوبات الاقتصادية الأميركية الآخذة في الاشتداد حول عنقها كما هو واقع الحال، وهي بحد ذاتها تأتي من ضمن رسائل حادّة ترسلها الجمهورية الاسلامية إلى الاميركيين وحلفائهم في المنطقة وإلى معظم عواصم القرار عبر مضيق هرمز الاستراتيجي وأعمال التخريب التي تقوم بها ضد البواخر الأوروبية والأميركية التي تمر في المياه الإقليمية، وهي رسائل تريد من خلالها طهران التلويح بأنها على استعداد لمواجهة احتمالات الحرب وأنها قادرة على إعلام الدول الكبرى إذا استمرت في غض الطرف عن الحصار الأميركي الذي يزداد ضغطاً عليها، الأمر الذي يضع الولايات المتحدة الأميركية ورئيسها ترامب في موقف تضيق فيه الخيارات، فإما أن يرضخ للضغوط الإيرانية ويتراجع عن كل قراراته وإما يتخذ قرار الحرب التي هدّد بها بعد حوادث البواخر ثم تراجع عنها لعدة أسباب داخلية ودولية.

 

لكن محللين آخرين ينظرون إلى الإجراءات الإيرانية الأخيرة من باب أن المسؤولين فيها يُدركون تماماً مدى خطورة حصول مواجهة مع الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها في المنطقة على إيران، وهم بالتالي يلوحون بالحرب ويشرِّعون أبواب إيران للدخول في تسوية مع الولايات المتحدة الأميركية تفضي إلى إعادة النظر في الاتفاق النووي الذي وقّع في عهد الرئيس الاميركي السابق أوباما، وهي أي إيران تدرك تماماً أن الأوروبيين غير قادرين على الوقوف في وجه قرارات الرئيس الأميركي لأن قراراته ستشملهم في مثل هذه الحال وتلحق ضرراً فادحاً باقتصادهم وجلّ ما هم قادرون عليه هو التوسط بين الجانبين لإعادتهما إلى طاولة المفاوضات بدلاً من الذهاب إلى الحرب، غير أن التصعيد الايراني الأخير لا يساعدهم على متابعة هذه المهمة أو الاستمرار في دور الوسيط ما لم تُعِدْ طهران النظر في حساباتها وتمتثل لمقتضيات المفاوضات التي ترى هذه الدول انها السبيل الوحيد لتفادي وقوع حرب لا مصلحة لإيران فيها.