بعد استغاثة الرئيس اليمني، عبد ربّه منصور هادي، بالمملكة العربية السعودية ودول الخليج وجامعة الدول العربية، مطالباً بتدخل عسكري منها لوقف تمدد الحوثيين باتجاه اليمن الجنوبي وعاصمته عدن، لم يتوقع المراقبون ان تكون تلبية استغاثة هادي بهذه السرعة القياسية، التي لم تتعوّد عليها الشعوب العربية من قبل، ولذلك فان قيام عشرات الطائرات السعودية والخليجية والاردنية بشن هجوم جوّي واسع النطاق على مواقع ومراكز وتحشدات حوثية، في العاصمة صنعاء، وفي معاقلهم الجبلية ومطاراتهم وبطاريات صواريخ «سام 4»، كان له وقع المفاجأة ليس في دول الخليج وايران والدول العربية والاسلامية فحسب، بل ايضاً في اوروبا والولايات المتحدة الاميركية، التي فوجئت بالرد السريع وحجمه، وبدأت تتوالى ردود الفعل التي كان معظمها مؤيداً لهذا التدخل العسكري، باستثناء ايران وسوريا اللتين دانتا وطالبتا بوقف «العدوان» على سيادة اليمن واستقلاله، وكان لافتاً التهديد الايراني بأن العيون السعودية لن تنجو من دخان الحرائق في اليمن، وعلى ما يبدو فان التهديد الايراني لم يفعل فعله لدى السعودية وحليفاتها الدول الخليجية، ودول الجامعة العربية التي اعلن باسمها امين جامعة الدول العربية «التأييد التام» للعملية العسكرية ضد جماعة الحوثيين الانقلابية لأن الغارات الجوية تواصلت واعلن العديد من الدول الاسلامية والعربية عن الاستعداد للتدخل برّيا اذا لزم الأمر، وفي مقدم هذه الدول تركيا ومصر وباكستان والسودان والاردن، ما يؤشّر الى ان الدول ذات الغالبية السنّية قررت مواجهة ايران الشيعية من الباب اليمني وانصار الله الحوثيين، خصوصاص وان التوتر الشديد بدأ يسود على الحدود السعودية – اليمنية وان الطيران الحربي السعودي يتعامل مع حشود للحوثيين، وقد تلجأ الرياض الى استخدام القصف المدفعي البعيد المدى والمتوسط، وهناك اجواء في العواصم العربية المشاركة في عملية «عاصفة الحزم» تشير الى استمرار القصف لمدة 72 ساعة، لتدمير كل قدرة للحوثيين على المواجهة، واضطرارهم الى الانسحاب من المناطق التي استولوا عليها في الفترة الماضية وخصوصاً من العاصمة صنعاء واللجوء الى المناطق الجبلية المرتفعة للاحتماء بها، بما يسمح لعودة الرئيس اليمني هادي واعضاء حكومته الى صنعاء وبدء الحوار البارد بحثاً عن مستقبل اليمن.
* * * *
هذا السيناريو الذي تعمل عليه المملكة السعودية والدول المتحالفة معها، هل هو السيناريو الذي تقبل به ايران وترضخ له، أم ان حساباتها تختلف، وان هيبتها كقوة أمنية وعسكرية اقليمية كبرى تفرض عليها ان تواجه العالمين العربي والاسلامي، بما يضمّان من اكثرية سنية طاغية، واوروبا والولايات المتحدة الاميركية من خلفهما