Site icon IMLebanon

هل يَمدّ نتنياهو الحرب الى ما بعد الانتخابات الاميركية؟

 

 

عبثاً حاولت الادارة الاميركية تخفيف اندفاعة حكومة الحرب في الكيان الاسرائيلي، سواء في غزة او في جنوب لبنان، ما أفقد الرئيس الاميركي جو بايدن وقاره السياسي والبروتوكولي، ونُقل عنه كلام قاسٍ بحق رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ليس أقلّه وَصفه بـ»الأحمق». حيث يسعى بايدن الى تبريد الجبهات إن لم يكن وقف الحروب فيها، بينما حكومة نتنياهو تندفع نحو مزيد من التوتير العسكري، وآخر جرائمها بدء تدمير منطقة رفح في جنوب غزة.

ثمّة كلام كثير في الغرَف المغلقة على لسان لبنانيين وسياسيين في اميركا وصلت أصداؤه الى بيروت، أن نتنياهو قد يمد حروبه حتى نهاية الانتخابات الرئاسية الاميركية في تشرين الثاني المقبل، على أمل عودة دونالد ترامب الى سدة الرئاسة، وهو الذي كان خلال تولّيه الرئاسة الاميركية من اكبر مؤيّدي اي حكومة في اسرائيل سواء من اليمين او اليسار او الوسط، وهو الذي نقل السفارة الاميركية الى القدس، وأغدقَ المساعدات المالية والعسكرية على اسرائيل، وأيّدَ كل مطالبها السياسية في التعامل مع الوضع الفلسطيني واي مفاوضات حوله. وهو الذي أمر باغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، الذي قتل في العراق في غارة أميركية بطائرة مسيّرة في 3 كانون الثاني 2020. وهو الذي فرض الكثير من العقوبات في عهده على نواب ومسؤولين في «حزب الله» وعلى ايران وشخصيات وكيانات ومؤسسات، بحجّة انها تتعامَل او تدعم «حزب الله»، وأدرجَ الحزب على قائمة الارهاب عام 2017. ووقّع عام 2018 على قانون «يعزل «حزب الله» اللبناني عن النظام المالي العالمي بصورة تفوق أي وقت مضى»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية الأميركية وقتها. كما أعلن ترامب رسمياً عام 2019 «اعتراف واشنطن بسيادة اسرائيل على هضبة الجولان السورية المحتلة».

صحيح انّ ترامب أصدر مواقف معارضة لما تقوم به اسرائيل من مجازر وتدمير في غزة، ووصفَ وزير الدفاع يؤآف غالانت بـ»الغبي» و»حزب الله» بـ»الذكي»، لأنه يعرف كيف يقود المعركة. لكنه عاد وتراجع عن موقفه بعد موجة الغضب التي قامت ضده، وأصدر بياناً أكد فيه «أنه ليس من صديق أو حليف أفضل منه لإسرائيل». وقال: «تحت قيادتي، وقفت الولايات المتحدة في تضامنٍ تام مع إسرائيل، ونتيجة لذلك أصبحت إسرائيل آمنة. وحول التعامل مع لبنان، كشفَ ترامب في خطابٍ انتخابي قبل شهر، انّ نتنياهو أبلغه انه ينوي قصف أهداف مهمة في لبنان، فأجابه «أقصف مقرات تنظيم «حزب الله» أولاً»… الى وقائع اخرى كثيرة تؤكد دعم ترامب لكل ما تقوم به اسرائيل.
وصحيح ايضاً انّ ترامب يستغلّ اي حدث او موقف ضد خصومه في معركة الانتخابات الرئاسية، ويستخدمهما سلباً او ايجاباً بما يفيد حملته الانتخابية. لذلك تَتسِم مواقفه احيانا بالتناقض تبعاً للظرف واتجاهات المعركة وميول جمهور الناخبين في هذه الولاية او تلك. لكنه في جوهره براغماتي لا يتوانى عن التصرّف وفق قاعدة «الغاية تبرر الوسيلة»، من دون تقديره لحجم اللوبي الصهيوني الانتخابي في اميركا، ما يُضطرّه الى مسايرته في كل الظروف.
على هذا تتجه الامور خلال الفترة المقبلة الى مزيد من التصعيد العسكري على جبهة الجنوب، لا سيما بعد توغّل العدوان الاسرائيلي عميقاً في قصف المناطق اللبنانية، من النبطية الى اقليم التفاح والزهراني وصولاً الى جدرا بالشوف، وقبل ذلك باستهداف الضاحية الجنوبية. خاصة انّ نتنياهو لم يستمع الى نصائح حلفائه الاميركيين والاوروبيين وبعض العرب بوَقف الحرب والذهاب الى التفاوض بما يومّن حالة من الاستقرار الامني والسياسي تُمهّد لترتيب أوضاع المنطقة برمّتها.

وهناك من يعتقد انّ نتنياهو هو الذي يضغط على الرئيس بايدن في معركته الانتخابية لإضعافه والتفلّت من طلباته المتكررة بوقف الحرب، وانتظار نتائج الانتخابات الاميركية ليبني على الشيء مقتضاه، سواء وَقْف الحرب او المضي بها الى نهايات يريدها كما يشتهي لتعويم نفسه سياسياً وشعبياً.
يبقى تَرقّب ما يمكن أن يبذله الرئيس بايدن من ضغطٍ إضافي على نتنياهو ولو وصل به الأمر الى وقف المساعدات عن اسرائيل مؤقتاً كما فعل الرئيس باراك اوباما، الذي قطع اي تواصل مع قيادات اسرائيل الرافضة لعملية السلام، بمَن فيها نتنياهو.