برجي (برج التين) غامض وناري، لذلك أرى الأمور بنحوٍ مختلف لِما سيحصل قبل الانتخابات اللبنانية، إذ إنّني، بخلاف غيري، لا أرى أنّ العالم يتوقف في انتظارنا، وأرى بعيوني السود حريقاً شرقَ أوسطيّاً قبل الانتخابات التشريعية في لبنان والعراق، والرئاسية في مصر وقبل «ليلة القبض» على نتنياهو في قضايا الفساد.
وبالنسبة إليّ فإنّ صورة رقعة الشطرنج الدولي والاقليمي والدولي، اقصد الصورة التي استطعتُ وحدي جمعَها تبدو متشاكسة وتعزّز اقتناعي بأنّ الشرق الاوسط ذاهب الى حرب الضرورة حيث:
١- يجري استكمال إعداد الرأي العام العالمي لتقبّلِ الحرب المقبلة الهادفة الى محاولة اخضاع ايران واعادة انتاج الاتفاق النووي وتجميد برنامجها الصاروخي وقطعِ امتدادها وتدخّلاتها في المنطقة عبر (قطع اليد الايرانية) عبر اضعاف: «حزب الله»، «حماس» و«الجهاد الاسلامي» و«الحشد الشعبي» في العراق والقوات الموالية للنظام في سوريا وتفكيك «لواء القدس» وحلّ «وحدات المجنّدين» من الافغان وسواهم التابعين لهذا اللواء
٢- إتمام «صفقة العصر» التي ينوي الرئيس الاميركي دونالد ترامب طرحَها.
٣- ضرورة الحرب لتوقيع السلام السوري عبر مساومات أشمل تُحقّق مصالح الاطراف الدولية والاقليمية التي تنخرط في أتونِها إذ أثبتت الحروب الصغيرة الجارية انّها لم تحقق العائدَ الدولي والاقليمي المطلوب ولم تنجز السلام السوري.
٤- إنجاز ترسيم خريطة الشرق الاوسط وشمال افريقيا وامتداداً على مساحة «مخطط الشرق الاوسط الموسّع» وتثبيت التقسيمات البشرية والجغرافية عبر حرب كبرى حيث انّ مشروع «داعش» واستراتيجية «الفوضى البنّاءة» لم يحقّقا الغرض منهما.
وهكذا فإنه يجري إعداد مسرح العمليات الشرق اوسطي عبر تحشيد القوى وإعادة رسمِ العلاقات، وفي التصوّر المقبل لمُّ شملِِ في مواجهة العدو الرئيسي الجديد، اي ايران، وفي هذا وصول مبعوث وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون الى مصر في اطار المساعي للمّ الأزمة الخليجية – المصرية مع قطر، وفي هذا الصَدد تستأنف الكويت تنشيطَ وساطتها، فماذا يحدث على مساحة المنطقه وتماسِها الجغرافي والسياسي؟
– نشرُ مزيد من القواعد العسكرية الاميركية في العراق وسوريا واتّصال الرئيس دونالد ترامب هاتفياً بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لمناقشة الوضع الاقليمي وزيادة التعاون.
– زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للقاهرة «لتعزيز التعاون ومواجهة التدخّلات الاقليمية ومحاولة بثّ التفرقة والتقسيم بين دول المنطقة»، حسب الاعلام الخليجي، و»مواجهة المخاطر والتحديات التي تتعرّض لها دول المنطقه العربية»، وحسب قول الرئيس المصري: «أمن الخليج جزء لا يتجزّأ من أمن مصر».
وتمّ خلال هذه الزيارة توقيع اتفاقات في مجالات الاستثمار والبيئة وضمّ الف كيلو متر مربّع مصري جنوب سيناء في اطار مشروع «نيوم» المشترك مع السعودية لتأمين مستقبل البحر الاحمر.
ـ إستكمال جولة بن سلمان بزيارة لندن ثمّ زيارة واشنطن من 19 إلى 22 أيار.
ـ إنتخابات الرئاسة المصرية أواخر آذارالجاري. والتنقيب عن الغاز المصري في 11 موقعاً جديداً قبل حزيران المقبل.
ـ إتّصال الرئيس الفرنسي ماكرون بالرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني وزيارة وزير خارجية فرنسا لطهران (تحذير فرنسي بفرض عقوبات دولية في حال رفضَت ايران تبديد المخاوف الدولية حيال برنامج الصواريخ البالستية» (فرنسا هي الوجه الديبلوماسي الناعم للضغط في ملف الصواريخ البالستية والغوطة ولبنان) واشتراط تحصين الاتفاق النووي مقابل دخول ايران في حلّ الملفات المشتعلة في اليمن وسوريا (وقف عملية الغوطة) مع احتمال التطرّق الى الملف اللبناني، والحدّ من البرنامج الصاروخي وايران لا تتنازل إقليمياً أو بالستياً.
ـ إحتمال حضور الرئيس الاميركي حفلة تدشين انتقال السفارة الاميركية من تل أبيب الى القدس في الذكرى 70 لنكبة فلسطين.
ـ إختبار روسيا 600 سلاح جديد خلال الحرب السورية بالإضافه الى اعلان بوتين أخيراً عن «أسلحة لا تقهر».
ـ زيادة الإنفاق العسكري خلال 2016: الولايات المتحده 611 مليار دولار، الصين 215 ملياراً، روسيا 69 ملياراً.
ـ فلسطينياً تعثّر المصالحة والاستعداد لانتخابات منظمة التحريرالفلسطينية.
ـ الوقائع الداخلية في إسرائيل والتي تضغط على نتنياهو بقضايا الفساد وصولاً الى شهادات مستشاريه ضده.
ـ زيارة نتنياهو لواشنطن (5 أيام) و تركيز المحادثات على:
- تقليص النفوذ الايراني وتجريد ايران من القوه الصاروخية.
- المشاركة في مؤتمر «ايباك» (اللجنة الاميركية – الاسرائيلية للعلاقات العامة).
- يأتي التحرّك الفرنسي بالترافق مع التهويل الدولي بانهيار الاتفاق النووي (حسب تصريحات صادرة عن وكالة الطاقة الذرية وبالترافق مع تهديد الرئيس الاميركي بالانسحاب في أيار من الاتفاق النووي وبالترافق مع تصريحات نتنياهو: الملف الايراني يتصدر المحادثات مع الرئيس ترامب، وبحث خلال لقاءاته في واشنطن في ما وصفه «العدوان الايراني في المنطقة عموماً»، والحد الادنى مطالبة اسرائيلية بتوقيع عقوبات على الصواريخ الايرانية بمدى 300 كلم.
ـ دعوة ترامب الى المشاركة في حفلة افتتاح السفارة الاميركية في القدس، وقال ترامب: «إذا كنت قادرًا فسأحضر».
ـ إنطلاق المناورات العسكرية الاميركية – الاسرائيلية المشتركة (جينيفر كوبرا) في 4/3/ 2018 والتي تحاكي هجوماً شاملاً على اسرائيل من اكثر من جبهة من لبنان الى غزة. ويشارك في هذه المناورات 2500 جندي اميركي بالاضافة الى 2000 جندي من منظومة الدفاع الجوّي التابعة لسلاح الجو الاسرائيلي ووحدات اخرى.
وهذه المناورات تحاكي وصولَ قوات اميركية الى اسرائيل على اثر تعرّضِها لهجوم صاروخي وعلى جبهات مختلفة واختبار استخدام منظومات صاروخية مختلفة وسفن حربية ومقاتلات ومروحيات وطائرات بلا طيّار. وتترافق المناورات مع تصريحات اسرائيلية عن احتمال اندلاع مواجهات مسلحة على جبهات لبنان وسوريا وغزة. وهذه المناورات هي التاسعة المماثلة منذ 2001 ولكنّها هي الأكبر هذه السنة للجيش الاسرائيلي والقيادة الاوروبية للجيش الاميركي.
وقد رست السفن الحربية الاميركية العملاقة (أوس، أيو، جيما) في ميناء حيفا وهي تقِلّ 30 مقاتلة ومروحية ونحو 2500 جندي من مشاة البحرية للمشاركة في هذه المناورات التي تستمر حتى منتصف الشهر الحالي.
ـ على صعيد المشاهد المتصلة بالمنطقة تتابع تل أبيب اتصالاتها مع موسكو وواشنطن وعمان في شأن الاوضاع في جنوب سوريا، وتتابع مع موسكو خصوصاً المحادثات في شأن الخلاف على الدور الايراني والقلق الاسرائيلي الناجم من وجود القواعد العسكرية الايرانية، وهو ما يَحول في رأي تل ابيب دون السلام السوري وتثبيت خفضِ التوتر جنوب سوريا.
ـ الرئيس التركي رجب طيّب اردوغان يواصل تجواله لجذب القوى والمواقف في مواجهاته الداخلية وعبر الحدود مع سوريا والعراق، وفي هذا الإطار يزور الصومال بعد السودان، فيما قوات تركيا المأزومة تقترب من عفرين و»البنتاغون» يضغط: استهداف تركيا لعفرين يوقف العمليات ضد «داعش».
ـ تمشيط العراق من فلول «داعش» (مبرّرات للإبقاء على الوجود الاميركي) ووضع العراق مجدّداً، وكذلك سوريا، امام الخيارالكردي في ضوء أزمة الموازنة العراقية والتطورات الحربية في سوريا.
ـ في لبنان: الانتخابات التشريعية في 6 أيار واستكمال عديد المرشحين وصورة التحالفات لم تنجَز نهائياً والهدف اضعاف «حزب الله» ومنعُه من التشكّلِ قوّةً برلمانية قابضة، هذا هو الهدف السعودي والمواجهة المقبلة بين تيار «المستقبل» و «حزب الله» وغموض موقف «التيار الوطني الحر» وتوقيت إصدار قرار اتّهامي جديد، وربّما اعلان ختامي يصدر عن المحكمة الدولية في شأن جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري بالترافق مع إجراء الانتخابات النيابية.
ـ زيادة اشتعال حرب اليمن على محاور صنعاء وعسير على الحدود اليمنية – السعودية، ويجدّد عبد ربه منصور هادي اتّهام ايران بدعمِ الحوثيين بالمال والسلاح.
ـ تحرير الجيش السوري اكثر من 40 % من الغوطة والاقتراب من إنجاز فصل حَرَستا ودوما عن بقية الغوطة واعتبار الرئيس بشّار الأسد أن لا تعارُض بين عملية الغوطة والهدنة، معتبراً أنّ اتّهامات الغرب لسوريا باستخدام الاسلحة الكيماوية هي لتبرير العدوان. فيما اعتبرَت موسكو انّ المشروع البريطاني لمجلس حقوق الإنسان مليء بالأكاذيب.
ـ إتّهام إسرائيل لسوريا والحرس الثوري الايراني و»حزب الله» بإعداد جبهة الجولان، وفي هذا المجال التذكير بالاعتداءات الاسرائيلية التي استهدفت نجلَ الامين العام لـ»حزب الله» وأحد ضبّاط الحرس الثوري والعملية التي استهدفت سمير القنطار.
ـ وعربياً لا بدّ من الانتباه الى المخاوف من معارك وشيكة في الجنوب الليبي بعد ان اطلقَ المشير حفتر عملية فرضِ القانون، وشكّل السراج قوّة عسكرية للحماية.
ـ دوليّاً لا بدّ من الانتباه الى تنامي الدور الالماني وعدم إغفال الدور الصيني، خصوصاً وأنّ الصين تنتبه بشدّة الى محاولات حصارها أميركياً، وهي زادت إنفاقها العسكري وتأمل في نموّ قويّ وتكنولوجيا متطوّرة.
هذه بعض العناوين الشرق الاوسطية والاقليمية والدولية، وهي لا توحي بأيّ حلّ للقضايا والمشكلات والمسائل والملفات العالقة ولا يبدو أنّ أيّ صفقة محتملة ستطوي أيّاً من القضايا أو أنّ الحروب الصغيرة والتوتّرات المختلفه ستُنهي تصعيد العنف أو خفض التوتّر و لا يبدو في الأفق أيّ حلّ سياسي لأيّ عنوان من عناوين المنطقة.
ما هو المخرج ؟
أعتقد أنّ الحرب باتت ضرورة للجميع، وهي سترسم نهايات لمختلف القضايا، وعلى الأقلّ، ستعلّق كافة القضايا حتى إشعار آخر٠
- هل تراني أبالغ في حساب النتائج؟