IMLebanon

الحرب‮.. ‬قرار إسرائيل أم الوليّ‮ ‬الفقيه؟

 

أراد حزب الله طوال الساعات الثماني والأربعين الماضية أن يوحي بأنّ ردّه على «مقتلة» القنيطرة سيكون مدويّاً، وساهم في هذا حال الترقّب التي فرضها الحزب مع تسريبات عن إطلالة لأمينه العام حسن نصرالله ليل الأحد، انتهت إلى بيانٍ أعلن أسماء القتلى والتي كانت قد باتت معروفة للبنانيين.. وحرص الحزب يوم أمس على تقديم حشد ضخم لجنازة جهاد عماد مغنية أحد قتلى غارة «مزرعة الأمل» قبيل الذكرى السنوية على تنفيذ إسرائيل عملية دقيقة أسفرت عن مقتل والده عماد مغنية في 12 شباط، وقتل مغنية الابن قبل أن ينفّذ نصرالله قسمه المغلّظ بالثأر لدماء أبيه، مع محاولات حثيثة لتأكيد وحدة محور الممانعة التي أطلقها نصرالله قبل أيام، وجاءت غارة القنيطرة لتضع هذا الكلام على المحكّ الأول، ولحراجة موقف حزب الله جاء الردّ من قلب إيران وهي «المستهدف الحقيقي» بالغارة، فمجموعة حزب الله التي سقطت في القنيطرة ليسوا أكثر من مرافقين وأدوات تنفيذيّة بيد إيران، وجاء الردّ أمس الاثنين من طهران وعلى لسان علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، خلال استقباله لوزير الداخلية العراقي.

والردّ الإيراني «هزيل» على الرّغم من أنّ الغارة استهدفت العميد محمد علي الله دادي، وهو بحسب وصف بيان العلاقات العامة للحرس الثوري الإسلامي «القائد المؤمن والولائي الذي كان يقوم بمهمة استشارية لمساعدة سوريا حكومة وشعبا على صعيد التصدي للإرهابيين التكفيريين- السلفيين في هذا البلد، قام بدور فاعل على صعيد تقديم المشورة لوقف وإحباط الجرائم والمؤامرات الصهيونية في سوريا»، وعلى الرّغم من هذا «التفخيم»، بدا الردّ الإيراني وكأنّه صادر عن وزير الخارجية السوري وليد المعلّم، لا عن علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، إذ قال الأخير: «المقاومة سترد بقوة وحزم ثوري في الوقت والمكان المناسبين على الأعمال الإرهابية التي يقوم بها الكيان الصهيوني»!!

حتى ليلة الأحد الماضي انقسم الرأي العام اللبناني إلى فريقيْن، الأول يظنّ وبشدّة ـ ونحن منهم ـ أنّ مأزق حزب الله في سوريا وإيران ونظام بشار الأسد دخل حال استنزاف مميتة، وبلغ مرحلة الغرق النهائيّة في رمال متحركة لن ينقذه منها إلا فتح جبهة حرب واسعة مع إسرائيل ولأكثر من سبب، وفريقٌ يرى أنّ حزب الله في وضع لا يُحسد عليه وأنّه خائر القوى بفعل تشتّت قواته على جبهات متعدّدة، وأنّه عاجزٌ عن الدخول في حرب مع إسرائيل ستؤدّي إلى تدميره نهائيّاً، وإذا كنّا من الفريق الذي يرى أن لا مخرج لحزب الله من الحال التي بلغها مع إيران ونظام الأسد، فإيران تترنّح تحت وطأة انهيار أسعار برميل النفط، وتمويل الحرب في سوريا ومناطق مختلفة من المنطقة العربيّة استنزف قدراتها المالية والاقتصادية ولن تلبث أن تجد نفسها على شفير الإفلاس، وكذا الحال بالنسبة لنظام الأسد المفلس والذي قد يجد في حربٍ على إسرائيل فرصة لفرض نفسه مفاوضاً على التهدئة مثلما فرضت التجربة «حماس» مفاوضاً لإسرائيل، ويحتاج حزب الله وبشدّة حرباً قد يجد فيها مخرجاً لأزماته الكثيرة علّه يستطيع أن يجرجر نفسه للخروج من الوحل الأسدي!!

ولكن؛ عندما يصبح الكلام الإيراني لا يختلف كثيراً عن الكلام السوري عن «الزمان والمكان المناسبيْن»، علينا أن نتساءل: هل ما زال قرار «الحرب والسّلم» بيد الوليّ الفقيه علي الخامنئي، أم أنّ هذا القرار أصبح في هذه المرحلة بيدِ إسرائيل؟!