شكلت ورقة «اعلان النوايا» بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» محطة تاريخية على صعيد الرقعة المسيحية، كانت اشبه بأعجوبة اخرجها النائب ابراهيم كنعان ورئيس جهاز التواصل والاعلام في «القوات» ملحم رياشي ووصف احد السياسيين» الاعلان» بالقول: «نجح كاثوليكي في جمع شمل الموارنة في وقت عجزت عنه بكركي» ويقصد رياشي ابن الخنشارة الذي يشبهه البعض بـ«تشي غيفارا القوات»، حيث اثبتت المجريات ان صانعي «الورقة» بذلوا جهداً كثيراً لارساء بنود لا تتزحزح ولا تتأثر بالرياح السياسية المتقلبة في الزمن الاستثنائي ونجحا في نقلها من الورق الى الواقع الميداني بعد جهد طويل لمسح الذكريات الثقيلة لدى قواعد «التيار» و«القوات» طيلة عقد كامل او اكثر وطويا الصفحات السود في العلاقات بينهما وهي حافلة بالكثير من الدماء والدموع وفق الاوساط المواكبة للمجريات.
الاعداد لهذه المحطة المفصلية على الساحة المسيحية بدأ وفق الاوساط البرتقالية في الاول من تشرين الثاني عام 2014 وكانت اولى نتائجه اتصال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بالعماد ميشال عون معايداً اياه عشية ليلة عيد الميلاد من العام نفسه، واستمرت الاجتماعات الدورية بين الثنائي كنعان ورياشي لتدوير الزوايا وتقريب وجهات النظر عاماً كاملاً واختتمت بزيارة «الحكيم» للرابية في 2 حزيران 2015 حيث تم «اعلان النوايا» الورقة التي رسخت تأسيس صفحة جديدة بين الطرفين اثبتت المجريات في أن تطبيقها يشكل تكاملاً بين الثنائية المسيحية على الرقعة السياسية وقد برز ذلك في تبني جعجع لترشيح الجنرال لدى زيارته الى معراب في 18 كانون الثاني عام 2016، مطيحاً برهانات الاطراف التي شككت في جدية التوافق العوني – القواتي الذي سينسحب على الحركة السياسية في جميع محطاتها انطلاقاً من الانتخابات البلدية والاختيارية وصولاً الى الاستحقاق النيابي الذي بات جميع اللاعبين يحسبون لورقة اعلان النوايا الف حساب وحساب.
وتشير الاوساط البرتقالية الى ان «التيار» و«القوات» سيخوضان الانتخابات البلدية والاختيارية كتفاً على كتف وبالنظام المرسوم لترسيم حجمهما الوازن على الحلبة المسيحية في وجه الاقطاع السياسي مع مراعاة الاعراف والتقاليد ودون الغاء احد كون الكلمة الفصل في الديموقراطية تبقى لصناديق الاقتراع التي لا «تساير» احداً، ولعل اللافت ان القطبين المسيحيين عون وجعجع تصدرا الرقعة المسيحية انطلاقاً من الطبقة الشعبية التي ينتميان اليها فكلاهما لم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب كما بعض الوارثين للبيوتات السياسية الضاربة الجذور في الاقطاع الساسي لبعض العائلات المعروفة.
وتقول الاوساط ان نتائج الانتخابات البلدية ستشكل استفتاء شعبياً للتحالف بين الثنائية المسيحية وتبرز حجم الاطراف التقليدية ووزنها قياساً على حجم قواعد ومناصري «التيار» و«القوات» وستثبت بشكل دفع من يمثل المسيحيين فعلياً في الواقع الميداني كون الطرفين يمثلان 80% من المسيحيين، وربما هذا ما يزعج بعض السياسيين الذين كانوا يتذرعون بالخلاف المسيحي على قاعدة تحميلهم مسؤولية الشغور في الكرسي الاولى وعندما تحالف المسيحيون برزت حجة الاجماع المسيحي المطلوب في محاولة المعرقلين لوصول «الرئيس القوى» تحميل المسيحيين المسؤولية، وانطلاقاً من الانتخابات البلدية وتعقيداتها العائلية سيتم التحضير من قبل «التيار» و«القوات» للاستحقاق النيابي حيث سيخوضان المعركة متراصفين وفرعية جزين لملء المقعد الشاغر فيها ستكون «البروفه» الاولى لما ستكون المعركة النيابية مستقبلاً لا سيما ان جزين التي انتزعها «التيار» من قبضة رئيس مجلس النواب نبيه بري ستكون مثالاً يحتذى في المناطق التي صادرتها بيوتات سياسية اقطاعية منذ فجر الاستقلال حيث ستتحرّر من قيودها وتعود لتنعم بالاستقلالية السياسية فيأتي نوابها ممثلين فعليين للمسيحيين وليسوا ممثلين عليهم. انها حرب التحرير للمسيحيين وفق الاوساط نفسها.