Site icon IMLebanon

حرب المقر والممر في وادي الفرات

 

الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا يعيد التذكير بدوره وبأن مسار جنيف السوري حيّ ولم يدفنه مسار استانة. وهو يبلغ مجلس الأمن انه يقترح معاودة محادثات جنيف أواخر الشهر المقبل بعد حضوره الشكلي محادثات استانة أواخر الشهر الحالي. فلا ما سمعه من وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون عن اقتراب عهد الأسد وأسرته من النهاية له مكان على طاولة المفاوضات. ولا ما بقي لديه هو أكثر من الرهان على التصور الروسي وممارسة الدور المتروك له في اللعبة التي تديرها موسكو عسكريا وسياسيا وديبلوماسيا.

ومن الطبيعي أن يتحدث دي ميستورا عن الوصول الى لحظة الحقيقة بعد هزيمة داعش بما يستدعي مفاوضات جوهرية. لكن ما يثير التساؤل هو تحديد جدول الأعمال بالبحث في الدستور والانتخابات من دون البحث الجدّي حتى الآن في أسس التسوية السياسية والتفاهم على النظام الذي يتم بموجبه رسم الدستور. لا بل من دون التوقف أمام الوضع على الخارطة، حيث تقاسم الأرض والنفوذ بين قوى محلية واقليمية ودولية وتجاوز ثنائية نظام – معارضة الى ما سمّاه الرئيس فلاديمير بوتين مؤتمر شعوب سوريا كأنه يتحدث عن شعوب روسيا الاتحادية.

 

ولا أحد يعرف متى وكيف تنتهي هذه اللعبة الطويلة والى أي نظام فيديرالي أو لامركزي تقود. فلا من السهل على موسكو التي حمت النظام أن تحافظ في ادارة اللعبة على التوازن بين الأدوار: من مزيج التفاهم والخلاف مع واشنطن الى خليط التعاون والتنافس مع طهران وأنقرة مرورا بالتباعد في الرؤية بين النظام والمعارضين. ولا من الممكن أن يستمر النظام والمعارضون في الهرب من أخذ القضية الكردية بعين الاعتبار في تصور مستقبل سوريا التي باتت قوات سوريا الديمقراطية ذات الأكثرية الكردية تسيطر على ٢٥،٤% من مساحتها.

لكن الأنظار متجهة حاليا الى ما يدور في وادي الفرات، حيث المعارك محتدمة جدا. أولا في حرب السباق على النفط بين قوات النظام بدعم روسي وقوات سوريا الديمقراطية بدعم أميركي. وثانيا في حرب، المقر والممر. المقر الذي يقاتل داعش بضراوة للاحتفاظ به وتندفع قوات النظام لاخراجه منه في بادية الشام وصولا الى البوكمال على الحدود مع العراق. والممر الذي تعمل ايران على ضمان فتحه لحرية حركتها من طهران الى بيروت عبر بغداد ودمشق، وتحاول أميركا إغلاقه أقلّه عند معبر التنف ضمن استراتيجية كبح النفوذ الايراني.

ولا أحد يشك في ثبات موسكو وطهران ودمشق على الموقف. لكن سوابق أميركا تدفع حتى حلفاءها الى تصورها تتراجع وتنسحب.