IMLebanon

الحرب على “داعش”… خطأ في التقدير؟!

الحروب لم تكن يوماً نزهة، ودروبها كانت دوماً شائكة وشاقة. ضبابية المعارك شكلت عنواناً مكرراً عبر الزمن، وغالباً ما رافق الغموض صخب الاقتتال. ولكن في الايام الاولى لحرب الائتلاف الدولي على “الدولة الاسلامية”، تكاد الارباكات تسابق العمليات العسكرية في غياب استراتيجية واضحة لمواجهة عدو يكتسب زخماً.

ولعل آخر مظاهر هذا التعثر التصريح المفاجئ للرئيس باراك أوباما بأن أجهزة الاستخبارات أخطأت في تقليل شأن التهديد الذي يمثله “داعش” وبالغت في تقويم قدرات الجيش العراقي. علماً أن وسائل الاعلام ومراكز الابحاث الاميركية لم تتوقف منذ مطلع هذه السنة عن الحديث عن الصعود القوي للتنظيم الاسلامي في سوريا.وقد حذر مسؤولون استخباريون علناً في شهاداتهم أمام الكونغرس من خطر هذا التنظيم.

كلام أوباما أثار استياء لدى مسؤولين استخباريين وعسكريين كبار سارعوا الى كشف تقارير سرية تعود الى أواخر العام الماضي وترسم صورة سوداوية عن التهديد المتنامي للمقاتلين المتطرفين في سوريا. وكانت مقلقة أيضاً في هذه التقارير المعلومات عن تدهور جهوزية القوات العراقية ومعنوياتها. ولم يقف هؤلاء عند هذا الحد، بل كشفوا أيضاً أن التهديدات المتعلقة بأخطار خارجية، لم تثر اهتماماً لدى الادارة المترددة في العودة الى العراق أو الانخراط في الازمة السورية.

الواقع ان تطور الاحداث يُظهر أن الادارة والاستخبارات الاميركية معا اساءت تقدير خطر “الدولة الاسلامية”. كان كلا الجانبين ينظر الى التنظيم على انه مجموعة من الارهابيين الاجانب قد يشكلون تهديداً لدى عودتهم الى دولهم، أكثر منه قوة تنوي غزو أراض والسيطرة عليها. لكنّ أوباما بتحميله الاجهزة الامنية وحدها مسؤولية سوء التقدير، بدا كأنه يحاول القاء اللوم على الجميع سواه من حيث خطر تنظيم استطاع بسرعة البرق اعادة رسم خريطة المنطقة. والاخطر أن كلامه يترك انطباعاً أنه يستبق اخفاقاً أو هزيمة في حرب بدأت لتوها.

في اي حال، تزيد التجاذبات بين الادارة الاميركية وأجهزة الاستخبارات الغموض الذي يكتنف معركة تأخرت واشنطن كثيرا في خوضها، وليس واضحاً بعد الى أين تنوي المضي بها. وإذا كان الخطأ في تقدير خطر “داعش”، (سواء أكان المسؤول عنه استخبارياً أم سياسياً) قد أتاح للتنظيم اجتياح مساحة بحجم بريطانيا في أيام، ورسم خريطة جديدة للمنطقة في بضعة أيام أخرى، فمن شأن انسحاب سوء التقدير على سبل مواجهته ورهانات الاطراف في المعركة، أن ينعكس سلباً لا على سوريا والعراق فحسب وإنما على المنطقة بأسرها. وليس في حصيلة الاسبوع الاول ما يبدد القلق، فمقاتلو “الدولة الاسلامية” باتوا على مشارف عين العرب الكردية، فيما رفاقهم في العراق لم يبقوا بعيدين سوى كيلومترين من بغداد.