IMLebanon

الحرب على حزب الله

بيان الجامعة العربية الأخير الذي نعت حزب الله بالإرهاب مستعار بنبرته ومفرداته من البيانات الإسرائيلية والأميركية منذ ثمانينيات القرن الماضي وهو يحمل معه كمية كبيرة من الغل والحقد الدفين الذي راكمته حالة الخيبة والعجز امام تجربة المقاومة التي قادها حزب الله في وجه الكيان الصهيوني فتلك التجربة فضحت حقيقة الحقبة السعودية التي بنيت على ترويج وهم استحالة الانتصار على الكيان الصهيوني وهذا الوهم حطمه حزب الله رغم ما قدمته الرجعية العربية من مساهمات ضخمة لدعم إسرائيل وحروبها في السر والعلن وما قامت به من تدخلات سياسية وامنية في لبنان لضرب المقاومة والنيل منها.

اولا : افترض كثيرون ان توقيع الاتفاق النووي مع إيران سيقود تلقائيا إلى انفتاح اميركي غربي شامل على اطراف محور المقاومة مجتمعا وبصورة خاصة على حزب الله القوة الفاعلة محليا وإقليميا والتي يعاملها الغرب على انها ذراع استراتيجية إيرانية بينما اظهرت الوقائع العنيدة انه قوة وطنية لبنانية عربية تدافع عن الشرق العربي في وجه العدوان الصهيوني والتهديد الإرهابي معا وهي لهذا السبب باتت هدفا لحملة مسعورة وغير مسبوقة من التحريض العدائي والعقوبات والتدابير المستمرة التي انطلقت من الكونغرس الأميركي وتبنتها كالعادة الحكومات العربية التابعة للغرب وجامعتها وهي طالت كل ما يمت بصلة بالحزب ماديا ومعنويا بل وأنشأت قواعد افتراضية لعقوبات تعسفية ضد الأفراد والمؤسسات غير السياسية على أساس الظن الأميركي الاستنسابي الموحى به من مصادر لبنانية وعربية مشاركة في طابور السعار الأميركي.

في هذا السياق تمثل شيطنة حزب الله مضمون امر العمليات المستمر من زمن بعيد وهي خلف الحملات الإعلامية والافتراءات الكاذبة التي هي بضاعة منتجة في المختبرات الأميركية تتداولها شبكات إعلامية مسيرة ومدارة بطابور من المرتزقة والخدم في لبنان والبلاد العربية.

ثانيا : تقوم الخطط الأميركية على مبدأ خلق الحقول المعاكسة عندما تضطر الى الاعتراف القاهر بقوة مناوئة وهذا ما تدل عليه خبرة اعتراف واشنطن بالقوة الصينية قبل حوالى أربعين عاما وبالتالي فهي بمستوى حرصها على تنفيذ الاتفاق النووي تعمل بكل قوة على منع تحول الانتصار الإيراني إلى انتصار لمحور المقاومة ولحلفائه الدوليين ولذلك تعمل وقائيا واستباقيا على لجم أي مسار محتمل لتحول فائض القوة الإيراني إلى عنصر محرك لتعاظم قوة محور المقاومة في المنطقة وهذا ما يفسر الحملة السعودية ضد إيران والحرب على حزب الله والتمسك الأميركي السعودي باستهداف الرئيس بشار الأسد رغم الاضطرار الى التسليم ببياني فيينا.

إن تعاظم قوة حزب الله وقدراته ووهجه السياسي والمعنوي هو النتيجة البديهية لانتصار إيران على الحصار والعقوبات ولذلك تسعى الولايات المتحدة مع أعوانها وتوابعها لوضع العراقيل في وجه تحول من هذا النوع لأنه سيجر الكثير من النتائج التي تعتبرها تل أبيب خطرا وجوديا وتجدها واشنطن بالدرجة نفسها تهديدا مصيريا لمنظومة الهيمنة في المنطقة برمتها.

ثالثا : تبرهن الأحداث على سذاجة الخرافة الافتراضية حول الخروج الأميركي من المنطقة فالحاصل فعليا هو هندسة قواعد جديدة للتدخلات الأميركية أساسها مبدأ القيادة من الخلف وإحياء منصات التدخل العسكري حيث امكن وهذا ما يعنيه إرسال وحدات خاصة إلى سورية والعراق وتحضير قيادة القوات الأميركية في أفريقيا لحملة تدخل مباشر في ليبيا وكذلك الانخراط الأميركي في الحرب السعودية على اليمن.

الجهد الأميركي في قيادة حرب شـاملة ضد حزب الله يخدم الهدف الجوهري أي تثبــيت منظومة الهيمنة الاستعمارية والتحكم بموارد الطاقة وطرق نقلها ودعم الحكومات الرجعية المهددة برياح التغييرات نتيجة الفشل الاستراتيجي الأميركي المتراكم في السنوات الأخيرة من افغانستان إلى العراق إلى ســورية وبعد فــشل مـوجة الأخونة البائسة، وتعيين الاستراتيجيات الأميركية لحزب الله كمصدر رئيسي للمخاطر والتهديدات ناتج من كونه قوة حاسمة سياسيا وعسكريا في وجه إسرائيل وعصابات التكفير الإرهابية التي اعتمدتها الولايات المتحدة أداة لحروبها غير المباشرة وهي تعرف مقدار وحجم تأثير حزب الله في مقاومة خطـطها العدوانية وبينما هو يقدم بذلك النموذج القابل للانتشار في المنطقة كخيار شعبي باتت محاصرته وشيطنته ضرورة أميركية حاسمة.

رابعا تجمع مراكز التخطيط الأميركية وجميع التيارات السياسية الكبرى في الحزبين الديموقراطي والجمهوري على أولوية مكانة إسرائيل وثباتها كقاعدة استراتيجية تحتل سلم الأولويات الأميركية في منطقتنا وحزب الله هو القوة التي تردع الكيان الصهيوني وترفع وحيدة مبدأ دعم الانتفاضة والمقاومة في فلسطين المحتلة حيث تواجه تل أبيب مزيدا من الألغاز المحيرة في حركة فلسطينية فتية للمقاومة والثورة على الاحتلال وخارجة عن سيطرة القيادات التقليدية التي جرى تدجينها او تلك التي تم وضعها على سكة التدجين والاحتواء خلال عقود مبادرات لتسوية واتفاقات الإذعان والحركة الثورية الفلسطينية الفتية هي في عرف الباحثين الصهاينة محاكاة تاريخية لنموذج حزب الله .

خنق النموذج وحجب إشعاعه في الوعي الفلسطيني داخل الوطن المحتل وفي الشتات هو ما تطمح إليه سلسلة العقوبات على مؤسسات الحزب الإعلامية وترهيب جميع المتعاطفين مع المقاومة هو الغاية التي تنخرط في تحقيقها شبكات ومؤسسات وأبواق ومواقع سياسية ومصرفية تابعة للغرب في لبنان إنها حرب تستدعي مقاومة وطنية بلا مواربة ولا مجال فيها لأنصاف المواقف.