IMLebanon

نجاح التكتيك العسكري لحزب الله يستنفر قادة العدو في “جبهة الشمال” هل يخرج نتنياهو عن الضوابط الأميركيّة ويغامر بتوسيع الحرب؟ 

 

يتكرر منذ اندلاع المواجهات على جبهة لبنان في ٨ تشرين الاول الماضي مع العدو الاسرائيلي السؤال : هل تتحول هذه المعركة الى حرب شاملة وواسعة؟

 

في ظل تصاعد حدة المعركة اليوم، رفع قادة العدو الاسرائيلي من منسوب تهديداتهم بتوسيع نطاق الحرب على ما يسمونه الجبهة الشمالية، الامر الذي استحضر السؤال نفسه مثلما حصل في شهور سابقة.

 

ومنذ اشتعال النار على جبهة الجنوب، حاول العدو ممارسة شتى انواع التهويل والتهديد، للضغط من اجل تحييد هذه الجبهة التي تعرّض فيها لخسائر غير محسوبة، وبالتالي الانصراف الى ادارة حربه في غزة. وفي الايام الاولى من اندلاع الحرب على جبهة لبنان، قال الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ان كل الخيارات مفتوحة، مؤكدا استعداد المقاومة وجهوزيتها لكل الاحتمالات.

 

وطوال الشهور الماضية لم يتردد الحزب لحظة في التأكيد على ارتباط جبهة لبنان بحرب غزة، ورفض كل المغريات والتهديدات في آن معا، وابلغ الموفدين الاميركيين والاوروبيين بالواسطة او مباشرة، ان موقفه ثابت ولا يتأثر بكل انواع التحذير والتهويل او موجات التهديد “الاسرائيلي”.

 

ومع دخول هذه الحرب شهرها التاسع، وفي ظل التهديدات “الاسرائيلية” الاخيرة، جدد نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم الموقف نفسه، مشيرا الى ” ان تهديدات وصلتنا في الشهرين الماضيين، وكان جوابنا ان جبهة لبنان مرتبطة بغزة”. واكد انه اذا ارادت “اسرائيل” خوض حرب شاملة “فنحن جاهزون لها “.

 

وبغض النظر عن دقة المعلومات التي جرى تداولها، عن تحذيرات جديدة تلقاها لبنان مؤخرا من عزم “اسرائيل” القيام بحرب شاملة، فان مثل هذه التحذيرات ليست جديدة، فقد سبق للموفدين الاميركيين والاوروبيين ان نقلوا مثلها لمسؤولين لبنانيين، وذهب بعضهم الى تحديد مواعيد لانفجار كبير على جبهة لبنان.

 

ويقول مصدر سياسي في “الثنائي الشيعي” انه منذ اللحظة الاولى لم يسقط حزب الله من حساباته توسع نطاق الحرب مع العدو الاسرائيلي، وانما اكد استعداده عمليا لارتفاع وتوسع نطاقها . ويلفت المصدر الى ان التهديدات “الاسرائيلية” اليوم تكاد تكون نسخة جديدة لتهديدات سابقة، مع العلم ان الوضع الميداني والسياسي للعدو يواجه تعقيدات كبيرة، وهناك تخبط واضح داخل حكومة نتنياهو وفي المؤسسة العسكرية ايضا.

 

فعلى الصعيد الميداني، يدرك قادة جيش العدو، كما تنقل وسائل اعلام “اسرائيلية” وغربية، حجم نجاح حزب الله في خوض مواجهاته على جبهة الجنوب اللبناني، والتكتيك العسكري والحربي الذي اتبعه منذ اندلاع الحرب وحتى اليوم . وقد عكست هذه الحقيقة القناة ١٢ “الاسرائيلية” امس بقولها ” انه على الرغم من ان الجيش “الاسرائيلي” استعد جيدا من حيث حجم القوات والمواقع العسكرية ويحاول ان يكون متنقلا، لكن من الواضح ان حزب الله لديه نظام جمع يوفر معلومات جيدة جدا عن المواقع العسكرية وبنيتها “.

 

ورغم تكتم الجيش “الاسرائيلي” على خسائره كالعادة، فان تقرير هذه القناة يؤشر الى دقة ضربات التي وجهها حزب الله لمواقع “اسرائيلية” قديمة ومستحدثة، ويعطي انطباعا ايضا عن قدرته الامنية في هذه الحرب.

 

وفي سياق تقويم الوضع الميداني ومسار المواجهات على جبهة لبنان، نجح الحزب كما بات معلوما بالارتقاء في مستوى المواجهات، وفي حسن استخدامه الاسلحة التي استخدمها حتى الآن، وكان آخرها اشراك سلاح المسيرات الهجومية بشكل ناشط وفعال، حيث استطاع اختراق كل وسائط الدفاع الجوي والقبة الحديدية “الاسرائيلية” بنسبة عالية. ومما لا شك فيه ان الضربات الصاروخية والجوية التي نفذها مؤخرا زادت من حراجة المسؤولين السياسيين والعسكريين الصهاينة، وفاقمت النقمة لدى المسؤولين المحليين والمستوطنين في المستوطنات الشمالية.

 

وفي ظل هذا المشهد، سارع وزراء حكومة نتنياهو على اختلاف توجهاتهم للاندفاع الى زيارة هذه المستوطنات لا سيما كريات شمونة، وتباروا في اطلاق موجة جديدة من التهديدات ضد لبنان.

 

فبعد ان فتح الوزير المتطرف بن غفير هذه الموجة بالدعوة الى احراق لبنان، قصد نتنياهو كريات شمونة سرا واعلن ” اننا مستعدون لتحرك قوي جدا في الجبهة الشمالية”، لكنه استدرك قائلا ” سنعيد الامن الى الشمال بطريقة او باخرى”. وذهبت القناة ١٤ في تقرير لها امس الى القول ” ان التقدير في “اسرائيل” هو ان حربا قد تندلع مع حزب الله في الاسابيع المقبلة”.

 

لكن في المقابل، صدرت تصريحات “اسرائيلية” اخرى تظهر بوضوح الخلافات والارباك والتخبط السياسي والعسكري داخل كيان العدو، ومنها تصريح عضو مجلس الحرب والوزير القوي بيني غانتس، الذي قال خلال زيارة نهاريا ” نقترب من ساحة الحسم في الجبهة الشمالية على الحدود مع لبنان “، لكنه استدرك قائلا ” بحلول الاول من سبتمبر (ايلول) سننهي المهمة هنا، ونكون قادرين على البدء بشيء”.

 

اما وزير المال “الاسرائيلي” فقال ” ان الجيش لا يريد خوض حرب في لبنان، وهذا هو الواقع”.

 

ولا يعني هذا الارباك والتخبط لدى العدو على المستوى السياسي والعسكري، ان نشوب حرب واسعة على جبهة لبنان امر مستبعد، لا سيما ان نتنياهو ما زال يحاول الهروب الى الامام والرهان على الحرب، لانه يرى ان مصيره متعلق على هذا الرهان.

 

واللافت ان الرئيس الاميركي جو بايدن عكس هذه الحقيقة بكل وضوح امس، عندما قال “هناك كل الاسباب للتوصل الى استنتاج مفاده بان نتنياهو يطيل امد الحرب من اجل الحفاظ على نفسه سياسيا “.

 

وتفيد التقارير الديبلوماسية الاخيرة ان الادارة الاميركية ما زالت تحذر “اسرائيل” من القيام بحرب شاملة على جبهة لبنان، بموازاة الضغط لتلبية الاقتراح الذي اعلن عنه بايدن في شأن حرب غزة . فهل يخرج نتنياهو عن الضوابط الاميركية، ويغامر بتوسيع الحرب ضد لبنان في نطاق سياسة الهروب الى الامام؟