يتعذّر توصيف ما شهده ملعب المنارة مساء يوم الأحد الماضي. فاللقاء بين فريقي ناديي الحكمة والرياضي تحوّل الى موقعة موصوفة بعدما كانت الآمال معقودة عليه ليكون قمة حقيقية بين الفريقين العريقين اللذين شرّفا كرة السلة اللبنانية وما زالا يشرّفانها في المنتديات الخارجية عندما يحقق كل منهما الإنجازات الباهرة في مواجهات الخارج.
إلاّ أن ما عايناه في الملعب فهو لا يمت الى الرياضة بأي صلة. صحيح أنّ المباراة لم تخل من العصبية والتشنّج حتى ما قبل إنتهائها بنحو ثلاثة أرباع الدقيقة… ولكن هذا ليس أمراً غريباً على الملاعب في لبنان والعالم خصوصاً في لقاءات «الدربي» التي تكون الحساسية بالغة ذروتها فيها.
لم يكن المشاهدون الذين خطفت اهتمامهم المباراة بقوتها وروعتها وبراعة اللاعبين… لم يكونوا يتوقعون هكذا نهاية مأساوية في حق الرياضة اللبنانية وبالذات في حق كرة السلة… هذه الرياضة التي يتفوق بها لبنان على الصعيدين الإقليمي والقاري (الصعيد العربي والصعيد الآسيوي).
وما شاهدناه من تصرّف بعض اللاعبين، وقد تحوّل الى مصارع على الطريقة الإستعراضية الأميركية، يدعو الى الكثير من الأسف، ويكشف كم انك قد تكون مغشوشاً في بعض الناس الى أن يأتي ظرف يبينهم على حقيقتهم.
وأمّا آفة الجمهور فهذه، في حد ذاتها، مصيبة!
فمن غير المستساغ إقامة مباريات من دون جمهور.
ومن غير المقبول أن يكون الجمهور مستنفراً بالقدر الذي نشاهده في الملاعب والصالات الرياضية عندنا في مختلف الألعاب.
إنها لعنة السياسة!
إنها ترديات السياسة (على الطريقة اللبنانية) وافاتها كلها.
وهي أيضاً لعنة الطائفية المعشّشة (من أسف) في نفوس الأجيال الجديدة أكثر ممّا هي في طوايا آبائهم.
ولكن هذا لا يكفي حلاً للمشكلة. يجب البحث عن حلول جذرية تنقذ الرياضة في لبنان إنطلاقاً من إنقاذ لعبة كرة السلة.
كيف؟
لسنا نعرف، ولا نملك الخبرة، ولسنا في موقع المسؤولية.
ولقد تكون البداية في تطبيق القانون:
ليس، فقط، تطبيقه على من لم يواصل اللعب. بل أيضاً على من تجاوز جمهوره «الحدود» كلها: حدود الملعب المادية، وحدود الرياضة الأخلاقية. سواء أكان هذا التجاوز في المنارة أم في غزير أم في سواهما.
ثم ضرورة تفعيل دور قوى الأمن… فلم يكن معقولاً أن يستمر الإشكال (متقطعاً) نحو ساعة في حضور قوى النظام. فهذا أمر كان يجب أن يحسم في الدقائق الأولى كي لا نقول في الدقيقة الأولى.
ولكن قبل هذا وذاك وذلك يجب، بالضرورة، إقامة دورات تدريب لترشيد اللاعبين أولاً بأول، ولترشيد الجمهور من ثم؟
ونرانا مع رئيس الحكومة ووزير الداخلية ووزير الرياضة في إقامة المباريات من دون جمهور حتى إشعار آخر!
وهمسة أخيرة: إذا كان هذا حال الرياضة مع فريقين يقوم بين مرجعيتيهما تحالف سياسي كبير… فكيف ستكون الحال مع الفرق التي بين مرجعياتها خلافات وخصومات سياسية (وغير سياسية) حادّة؟