على وقع طبول الحرب التي تقرع، وهدير الطائرات الحربية والبوارج الحربية، يتصاعد منسوب المخاوف كما المواقف المحذرة من اتساع رقعة المواجهات في المنطقة، رغم تواصل المساعي الديبلوماسية للدفع باتجاه حل سياسي، يعيد العمل بقواعد الاشتباك التي كانت قائمة، بعدما اتسعت رقعة المواجهة لتصل الى الداخل الايراني، وتحول طهران الى شريك اساسي مباشر في المواجهة.
مصادر مواكبة للاتصالات الجارية، اشارت الى ان تأخير حارة حريك لردها ليس عن عبث، انما يأتي في اطار ما اتفق عليه بين اركان المحور في اجتماعهم الاخير في طهران، حيث ان تكامل العملية الثأرية يفترض اعتماد “الصبر الاستراتيجي”، رغم ان فترة الانتظار الثقيل هي جزء من هذا الرد، استنادا الى:
– يعمل المحور على خوض حرب نفسية منظمة ضد “اسرائيل”، وهو ما انعكس تعطيلا للكثير من المرافق، بما فيها حركة السفر التي تعاني من اضطرابات، فضلا عن الشلل اللاحق بالحياة الاقتصادية، والقلق الذي يعانيه سكان “اسرائيل”، بمن فيهم اولئك الساكنون في مناطق غالبا ما كانت بعيدة عن ان تصلها نيران الحروب.
– استنزاف الجيش “الاسرائيلي” وانهاكه، نتيجة حالة الاستنفار القصوى التي يعيشها، وهو امر في العلم العسكري لا يمكن ان يستمر طويلا، لما له من آثار سلبية على هذا الجيش ومعنوياته.
– الحاجة الى الوقت لدرس وتحليل الاهداف التي سيتم التعامل معها وحدودها، خصوصا ان المحور يلعب بين خطين: ايذاء “تل ابيب” من جهة، وعدم اعطائها الذريعة للذهاب في مواجهة مفتوحة كما ترغب من جهة ثانية، وهو امر يحتاج الى دقة في اختيار الاهداف وقياسها بميزان من ذهب، رغم ان لعبة حرق الاعصاب القائمة من قبل اعلام الممانعة، تتحدث عن سقف عال جد من عمليات عبور للحدود، او انزالات على الشاطئ “الاسرائيلي”، وهو ما تستبعده المصادر اقله في هذه المرحلة من المواجهة.
– تنفيذ عشرات العمليات التمهيدية، من استطلاع بالنار على الجبهة، الى مزيد من عمليات “الهدهد”، فضلا عن عشرات عمليات الاختراق السيبراني لمواقع “اسرائيلية” حساسة.
– اي رد يجب ان يأتي في سياق ما تحقق حتى الآن من انجازات ومكملا لها، فقد نفذ 1328 استهدافاً لمواقع حدودية، و422 لمستوطنات، و198 لنقاط عسكرية، بالإضافة إلى استهداف 59 مسيرات وطائرات للعدو، و391 ثكنة عسكرية و102 قواعد عسكرية، في اطار الاسناد والاشغال، وهو ما تحقق عمليا. كما نفذ خلال تلك الاستهدافات 485 رماية بالمدفعية، و914 رماية بصواريخ أرض – ارض، و88 بسلاح دفاع جوي، و148 بسلاح جو، و742 بصواريخ موجهة، و178 رماية بأسلحة مباشرة، و25 بسلاح الهندسة، ليبلغ بذلك معدل العمليات خلال اليوم الواحد 9 عمليات، فيما بلغت الخسائر البشرية على العدو الاسرائيلي، أكثر من 2000 شخص بين قتيل وجريح. أما العسكرية، فقد بلغت خسائر العدو 125 آلية عسكرية، و182 مركزاً قيادياً، و663 دشمة وتحصينات، و450 تجهيزات فنية، و1050 وحدة استيطانية، 4 مصانع عسكرية، و61 مربضاً للمدفعية، و12 منصات قبة حديدة، و2 منطاد تجسس، و8 طائرات مسيرة و825 تموضع أفراد.
أما على صعيد جبهة العدو الداخلية، فقد بلغ شعاع المنطقة المستهدفة 5 كلم، في حين أن عدد المستوطنات المخلاة بلغ 43، أما عدد المستوطنين النازحين فقد بلغ 230 ألفا، أما عمق الاستهداف فقد بلغ 35 كلم.
وابدت المصادر اعتقادها بان الرد سيكون ليل التاسع – العاشر من آب لارتباط هذا التاريخ بمحطة تاريخية عالقة بالوجدان اليهودي، هي ذكرى خراب الهيكل المقدس” تيشـْعاه بئاڤ” ، بالعبرية תשעה באב، وهو يوم صيام وحداد على تدمير هيكل سليمان المقدس (“الهيكل الأول”) على يد البابليين، كما يثبت التاريخ أيام الملك البابلي نبوخذ نصر، وعلى تدمير هيكل هيرودوس (“الهيكل الثاني”) على يد الرومان أيام القيصر الروماني فسباسيان، حيث يتفق الجميع على أن يغلب طابع الحزن على حياتهم في هذا اليوم، من عدم لبس الملابس الجديدة، كما يجلسون على الأرض، ويذهب البعض إلى لبس ما يشبه الصوف والجلوس على الأرض. ويتم في هذه الليلة قراءة سفر مراثي إرميا (איכה) ويقرؤون في صباح اليوم التالي في” الكنيس” قصيدة مرثية يتلونها بنغم حزين وتسمى كينوت(קינות ).
علما ان عملية طوفان الاقصى نفذت في السابع من تشرين الاول، وهو ذكرى حرب اوكتوبر، حيث مني الجيش “الاسرائيلي” باول هزيمة على يد الجيوش العربية، مع عبور المصريين لقناة السويس، ودخول السوريين الى الجولان واعادة جزء منه.
ورأت المصادر ان العدو الإسرائيلي يواصل استعداداته لمعركة الشمال، بعدما اتضح له أن الحرب في غزة صعبة، مراهنا على عودة الجمهوريين إلى البيت الأبيض بعدما فقدوا ثقتهم بالإدارة الديموقراطية الحالية، وبالتالي رد الجميل إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بتنفيذ المتّفق عليه. مع العلم أن واشنطن ستكون حتماً إلى جانب “إسرائيل” في حال توسّعت الحرب مع حزب الله، قد تستبق حارة حريك الحرب الموسّعة بالمغامرة بتنفيذ عملية في الداخل “الإسرائيلي” بإرسال مئات العناصر إلى إحدى المناطق، لكن هذه المغامرة لن تستمر طويلاً، إلا أنها ستُحقق أهدافها المعنوية والإعلامية للحزب، بعدما ترد “إسرائيل” بشكل عنيف ضد لبنان.