IMLebanon

الهروب إلى الحرب

 

 

قد يكون لبنان البلد الوحيد الذي يطرح فيه البعض حلاً لأزمته من خلال الحرب مع العدو، لأنه يرفض أي حلول سلميةٍ لا تتناسب مع توجهاته ولذلك يلجأ إلى تطبيق القول الشائع «عليّ وعلى أعدائي».

 

إنّ المسؤولية الأولى في إيجاد الحلول للإنهيار القائم في لبنان، تقع على اللبنانيين بالدرجة الأولى، فهم من يفترض بهم إيجاد الحلول السياسية والاقتصادية وليس ممارسة الهروب إلى الأمام واتهام «المؤامرة» و»الحصار» بالتعطيل والتخريب، فمن يعطّل انتخابات رئاسة الجمهورية هم النواب الذين ينسحبون من الجلسات الإنتخابية ويطيّرون النصاب، وهم النواب الذين لا يقدمون على اختيار مرشح يصوّتون لصالحه في مواجهة مرشح آخر.

 

ليست «المؤامرة» و»الحصار» من أنفق أموال الاحتياطي في مصرف لبنان وهي أموال المودعين، على دعم مواد تمّ تهريبها إلى سوريا واستفاد من عائداتها مهربون وما زالوا ويرفضون ضبط الحدود والمعابر غير الشرعية بين البلدين، وكيف لبلدٍ محاصرٍ أن يهرّب إلى سوريا بضائع بمليارات الدولارات كان قد استوردها من الخارج؟

 

ليست «المؤامرة» و»الحصار» من أغلق أبواب العالم والعرب أمام لبنان من خلال الانخراط في الحملات عليهم وتصدير الكابتاغون، ما حرم الصناعة والزراعة اللبنانية من تصدير منتجاتهما إلى بعض الدول ولا سيما المملكة العربية السعودية.

 

كل ما سبق لا ينفي أنّ لبنان واللبنانيين هم ضحية مؤامرةٍ وحصارٍ مصدرهما الداخل اللبناني، فكيف لوطن أن يقوم في ظل تهديد متواصل بالحرب؟ وكيف لدولة أن تقوى في ظل استضعافها بالقوة وتهديم مؤسساتها وصولاً إلى الجيش اللبناني، وكيف لشعب أن يحيا في ظل اقتصاد لا يقوى على مواجهة اقتصاد رديف قائم على مخالفة كل القوانين والأنظمة التي ترعى الأسس المالية والاقتصادية والنقدية؟

 

إنّ الحرب إن وقعت لن تعود بأي فائدةٍ على الشعب اللبناني وتحديداً على القائمين بها بل ستكون وسيلة أخرى من وسائل تعميق الإنهيار، وتعميم الفقر والعوز، ووسيلة للقضاء على ما تبقى من هذا الوطن وأهله، فربما يريد البعض أن نصل الى هذا الدرك الأسفل في جهنم التي أوقد نارها ولا نية لديه في إطفائها.