IMLebanon

حرب بلا حل عسكري ولا حل سياسي

المصارحة ليست في العادة عملة الوسطاء في نزاعات معقدة سياسياً واجتماعياً وعسكرياً ومتشابكة الأبعاد المحلية والاقليمية والدولية. لكن الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا اختار مصارحة السوريين الحالمين بالخروج من كابوس حرب تقترب من عامها الرابع بالقول: ليس لدي خطة سلام بل خطة تحرك. وهو يعرف بالطبع أن التحرك ليس خطة بل بحث عن خطة إن لم يكن من واجبات الوظيفة. والظاهر أن دي ميستورا تعلم درس الموفدين اللذين سبقاه: كوفي أنان والأخضر الابراهيمي، وهو أن توسيع البيكار وصفة للفشل. أنان خرج من اللعبة بعدما اكتشف أن بيان جنيف-١ ليس للتطبيق. والابراهيمي ترك المهمة بعد تجربة جنيف-٢ التي بدت مجرد تمارين في العبث.

ولا أحد يعرف متى وكيف ينتهي الأخذ والرد على اقتراح دي ميستورا تجميد الصراع العسكري بالتدرج في المناطق بدءاً من حلب. فالنظام له شروط صعبة. والمعارضون لهم شروط أصعب. والصراع العسكري المطلوب تجميده لم يعد محصوراً بين النظام والمعارضين الكلاسيكيين بعدما دخل داعش على الخط وأقام دولة الخلافة. لكن الكل يعرف أن ما دفع دي ميستورا الى اقتراح تسويات موضعية على أمل أن تصبح وطنية، هو التسليم بأنه ليس في حرب سوريا حل سياسي ولا حل عسكري.

ذلك أن النظام راهن من البداية على الحل الأمني – العسكري الذي أكدت الأحداث أنه مهمة مستحيلة. والمعارضون اندفعوا بعد أشهر من التظاهرات في العسكرة ليجدوا أنفسهم أيضاً في مهمة مستحيلة. ولا أحد يتراجع عن خياره، بحيث صار الحل السياسي مهمة شبه مستحيلة، وسط خطاب التمسك به.

وليس في استراتيجية التحالف الذي تقوده أميركا سوى خطوات محدودة على طريق الحل العسكري وكلام مجاني على حل سياسي. فالتركيز على العراق لجهة السعي لانجاح العملية السياسية وإعادة تدريب الجيش العراقي وعشائر السنّة لمقاتلة داعش تحت غطاء جوي أميركي. والضربات الجوية لداعش في محيط عين العرب السورية وأماكن أخرى في دير الزور والرقة هي لخدمة استراتيجيتنا في العراق على حد تعبير الرئيس باراك أوباما. لا بل ان اوباما يقول إننا نريد تسوية سياسية داخل سوريا، لكن هذه مسألة بعيدة المدى، ونحن لا نستطيع حل النزاع عسكرياً ولا نحاول ذلك، ولا نقوم بأعمال عسكرية ضد النظام.

والسؤال، على افتراض النجاح في تجميد الصراع في حلب، هو: ما الذي يمنع داعش من نقل المعارك الى حلب؟ أليس الحل السياسي هو الشرط الطبيعي والعملي للنجاح في محاربة الارهاب؟ ومن يضمن النصر في الحرب على الارهاب اذا كان الهدف هو الهرب من الحل السياسي؟