IMLebanon

حرب بلا استراتيجية  على تنظيم استراتيجي

في كتاب داعش: داخل جيش الرعب يروي المؤلفان مايكل ويس وحسان حسان تفاصيل ما تحت العناوين الشائعة عن مسار التنظيم الارهابي. من الولادة على أيدي مسؤولين سابقين في نظام صدام حسين وأتباع الزرقاوي الى استخدام سجون الاحتلال الأميركي كأرض خصبة لتجنيد الجهاديين. ومن غض النظر في دمشق عن انتشاره في سوريا بعد العراق وأحياناً عقد صفقات معه واطلاق معتقلين يلتحقون به لتأكيد نظرية كون المعركة بين النظام والارهاب الى اعلان دولة الخلافة. ولم تكن قدرته على احتلال مساحات في العراق وسوريا، وجمع معلومات استخبارية وتهريب النفط سوى نتيجة لخبرة البعثيين السابقين. ولا كانت خلاصة القراءة لدى من راجع الكتاب في فورين أفيرز سوى أن داعش تنظيم استراتيجي يلعب لعبة طويلة، وان حملات مكافحة الارهاب والقصف الجوي لن تهزمه.

وتلك هي المشكلة التي ترافق الحرب على داعش: حرب التحالف الدولي بقيادة أميركا، وحرب التحالف الرباعي بقيادة روسيا. الأولى تجاوز عمرها سنة من دون أن تهتز مواقع داعش في الموصل والرقة. والثانية أعلن الرئيس فلاديمير بوتين في منتصف شهرها الخامس انها حققت أهدافها وأمر بسحب القسم الأكبر من قواته، فإذا داعش الذي بقي في مواقعه يضرب في أوروبا. ومع أن الكل تقريباً ضد داعش، فإن من الصعب العثور على طرف محلي أو اقليمي أو دولي لم يعمل على توظيف داعش في خدمة هدف ما.

ولا شيء يوحي أن صدمة تفجيرات بروكسيل الارهابية ستقود الى تبدل جذري في محاربة الارهاب. فما بدا محور الاهتمام في اوروبا واميركا وروسيا هو حماية اراضيها من ارهاب داعش وقتل رعاياها الملتحقين به لئلا يعودوا اليها أكثر مما هو اسقاط الخلافة الداعشية باستعادة الارض. وما تكرر في ردود الفعل من اعلان حرب معلنة أصلاً على داعش يفتقر الى استراتيجية متكاملة للقضاء عليه.

ذلك ان أساس الحرب على الارهاب، حسب الخبراء، هو الانطلاق من النظرية التقليدية في مكافحة البعوض: خيار تجفيف المستنقع بدل الاكتفاء بملاحقة البعوض. فلا نهاية لملاحقة البعوض اذا بقي المستنقع مكاناً خصباً لتوليد جيوش منه. ولا نهاية لمكافحة الارهابيين فرداً فرداً اذا بقي لهم موقع في مدن وبلدات يتحكمون بها ويمارسون التخطيط للعمليات الارهابية والتمويل والتسليح. وما يجري حالياً هو ترك داعش يتجذر ويتمدد ويضرب في اوروبا وسواها، وملاحقة الارهابيين فرادى خارجها.

وليس هذا أقل من فشل حتى في المحور العسكري، قبل الكلام على المحاور الأمنية والسياسية والثقافية.