ثمة من يرى في انعقاد مجلس الوزراء بغياب وزراء الثامن من آذار، مخرجاً من انتاج وساطة الرئيس نبيه بري، التي أفسحت المجال لتمرير القرارات المالية الملحة للحكومة، مقابل تحويل المراسيم السبعين عن مسار مطبعة الجريدة الرسمية، الى ادراج الانتظار الواسعة.
وهناك من يرى ان الرئيس تمام سلام قرر العمل بعكس القول: كلما أسرعت في الهروب كلما تسارعت خطى من يحاولون اللحاق بك… بمعنى انه قرر المواجهة، وان بنعومته التقليدية، بعدما اقتنع بأن الهروب الى الأمام يراكم المشاكل ولا يحلّها.
وأمام الحملة التي شنّتها وسائل اعلام التيار الوطني الحر على البيك ووزيره، كان لا بد من متابعة الحراك على خط انتاجية الحكومة، بمواجهة الاستراتيجيات التعطيلية التي بدأت برئاسة الجمهورية وامتدت الى مجلس النواب، وكادت ان تلف القيادات العسكرية والأمنية وصولاً الى الحكومة، التي ان خرجت من مستنقع النفايات وجبنتها الدسمة والمحفزة للشهيات، ستجد الكهرباء ودجاجاتها التي تبيض ذهباً خالصاً، لها بالمرصاد، ومن بعد الكهرباء، السدود وما أدراك ما السدود ومشاريع جرّ المياه الى المناطق وفوائدها الى الجيوب.
انها جبهات مفتوحة على المحاور السياسية الداخلية والخارجية، ولن تبصر حلولها النور، قبل العودة الى نقطة البداية، رئاسة الجمهورية المعلقة، منذ سنة وأربعة أشهر، في انشوطة الصراعات الاقليمية، المبرمجة على توقيت الاتفاق النووي الايراني – الغربي، الذي أصبح في ذمة الكونغرس الأميركي، وعلى جدول أعمال دورته المقررة منتصف أيلول.
الانتظار ليس جديداً على سكان المحطة اللبنانية، ولا الصبر الذي ضاق به أيوب الحكومة، انما الجديد ما نشهد من ايقاعات شعبية ساخنة، تارة بسبب التعيينات العسكرية، وأخرى لعلة النفايات، المنزلية والعضوية المدرارة… وكلاها أسباب واهية، وحقيقتها ما يجري في محيط لبنان، وفي موقعه على خارطة النفوذ الاقليمية.
وفي أجواء المسؤولين اللبنانيين معطيات كثيرة تؤشر على خريف دافئ، فطهران التي تواجه مرحلة ما بعد الاتفاق النووي في اليمن والعراق، تخشى امتداد رياح التراجع الى سوريا فلبنان. وهذا ما حدا ببعض المسؤولين في بيروت الى اتخاذ خطوات استباقية، ربما ظهرت معالمها قريباً، وضمن هذه الخطوات، وقف سياسة التحاشي والتجنب، ومقابلة السيّئة بالحسنة، خصوصاً بعدما بات واضحاً للقاصي والداني ان الحكومة محصّنة دولياً واقليمياً ضد السقوط، وان كان البعض لا يمانع في تجريدها من الفعالية.
وضمن التوقعات المزيد من التصعيد في الشارع والمزيد من التورّط من جانب المندسين، المنتظمين ضمن أطر جماعات وأحزاب تعمل على القطعة.
وفي المعطيات المعروفة، أن الاستقرار المالي في حرز حريز، والأمني كذلك، رغم التسيّب السياسي والاهتراء الاقتصادي، وتبدّد القيم والمفاهيم الوطنية الحقة.
ويقول الوزير رمزي جريج، ان رئيس الحكومة ومعظم الوزراء، لم يشعروا للحظة أثناء التظاهرات المتعددة الشعارات والأهواء بأنهم في موقع ضعف، لادراكهم مدى سقف هؤلاء الناشطين، وأهداف وذروة أهداف بعضهم.
ولم تكن المطالبة باسقاط الحكومة واشتراط اجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، إلاّ كلام غوغاء، تبخّر على حرارة التطورات، ليثبت بأنه عندما تكون هناك ارادة، يغيب المستحيل…