تتفق كل الأطراف الداخلية على أن المبادرة التي أطلقها أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله قبل بضعة أيام فتحت كوّة في جدار التأزم السياسي المقفل من كل الجهات، وخلقت أجواء إيجابية، يمكن استثمارها إذا ما صدقت النيّات في الوصول إلى تسوية شاملة، تُنتج رئيس جمهورية توافقياً بمعنى أن لا يكون من فريقي 14 و8 آذار وحكومة وحدة وطنية وقانون إنتخابي جديد.
لكن نقطة الضعف في هذه المبادرة أنها اقتصرت على المبدأ، ولم تطرح خارطة الطريق التي تفضي إلى النتيجة المرجوة، ما أفسح المجال أمام الذين وجّهت إليهم هذه المبادرة لطرح أكثر من سؤال وعلامة استفهام حول التسوية التي يريدها أمين عام حزب الله، وهل ستكون على غرار تسوية الدوحة التي ذهب إليها الجميع بعدما كانوا توافقوا على رئيس من خارج فريقي 14 و8 آذار وعلى حكومة وحدة وطنية برئاسة زعيم الأكثرية النيابية سرعان ما انقلب عليها الحزب وحلفاؤه بعد أقل من سنتين وكان ما كان، أم أن التسوية التي يريدها الأمين العام تقوم على قاعدة أن يكون رئيس الجمهورية من فريق 8 آذار وتحديداً العماد ميشال عون أو مقرّباً من هذا الفريق كالنائب سليمان طوني فرنجية، في مقابل حكومة برئاسة سعد الحريري أو برئاسة وسطي كالرئيس تمام سلام، وهذا معناه أن حزب الله وما بعده من سوريا وإيران وضعوا أيديهم على لبنان، وهذا ما لم تسمح قوى الرابع عشر من آذار به.
من هنا ما زالت هذه القوى وإن اعتبرت المبادرة خطوة إيجابية، تنتظر من أمين عام حزب الله مزيداً من الإيضاحات حولها لتبني على الشيء مقتضاه لا أن تغرق في العموميات وتذهب بعيداً في الإيجابيات من منطلق حرصها على المصلحة العامة، وإخراج البلاد من دوّامة الأزمات التي تخطت حدود الخطوط الحمر وبات يتوجّب على كل الأطراف تقديم التنازلات والتلاقي في منتصف الطريق لإنقاذ ما تبقى من الدولة وربما من الوطن، فهل يلتقط أمين عام الحزب ذلك ويبادر ليس كما نُشر في وسائل الإعلام إلى تحديد آلية مبادرته وذلك وفق ما ينص عليه الدستور واتفاق الطائف الذي يُؤكّد أنه يعمل تحت سقفه أي الذهاب إلى مجلس النواب وانتخاب رئيس توافقي من خارج اصطفاف 8 و14 آذار وتشكيل حكومة وحدة وطنية إنتقالية تُشرف على انتخابات نيابية جديدة وفق قانون إنتخابي جديد يحقق التمثيل العادل والصحيح، أم أن طرحه للتسوية الشاملة أو تسوية السلة الواحدة هو من أجل المناورة وتقطيع الوقت بانتظار أن تتبلور الحلول المطروحة لأزمات المنطقة وفي مقدمها الأزمة السورية على الطاولة الدولية.