Site icon IMLebanon

محاذير التحرُّك العوني… وحدود المواجهة المضبوطة

لم تنفع كلّ التحذيرات، وحتّى المشاكسات في تغيير روتين السياسة اللبنانية التي بقيت تراوح بين إنعدام الإتفاق على «فخامة الرئيس»، و«تذبذب» عمل الحكومة، وإقفال مجلس النوّاب وشلل مؤسسات الدولة.

تحوّلت النفحات التفاؤلية الرئاسية الى ما يُشبه فشلاً مكرّراً بفعل تراجع الحديث عن قرب إعلان تيار «المستقبل» تبنّي ترشيح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون.

ووفق مصادر مستقبَلية، فإنّ هذا الأمر بات مستبعداً لحسابات عدة تبدأ بالتزام «المستقبل» ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية حتى الساعة، مروراً بموقف المملكة العربية السعودية، ولا تنتهي بالحسابات على الساحة السنّية.

وتقول المصادر: إذا كان تبنّي فرنجية حسب رأي البعض، كلّفنا خسارة بلدية طرابلس، فمَن يضمن ماذا ستكون كلفة تبنّي ترشيح عون. قد تبدأ ردة الفعل من طرابلس وتمرّ ببيروت وإقليم الخروب وتصل الى صيدا.

ومع ذلك فإنّ تيّار «المستقبل» لا يقفل الباب في وجه أيّ حلٍّ جديّ يُنقذ الوضع مهما كان مكلفاً، لأنّ غياب الرئاسة الأولى يؤثر في عمل السلطتين التنفيذية والتشريعيّة وبقية مؤسسات الدولة، ويدفع البعض الى المطالبة بإعادة النظر في «اتفاق «الطائف»، وعندها نكون قد وصلنا الى الخط الأحمر».

لم تكن تجربة الجنرال عون ناجحة مع «المستقبل»، فمن الإتفاق الشهير على 95 في المئة مع الرئيس سعد الحريري بعد انتخابات 2005، الى استبعاد التكتل من الحكومة وصولاً الى إعلان إسقاط حكومة الحريري من الرابية في كانون الثاني 2011، كلها محطات تختزل صراعات داخلية لم تؤدِّ الى تثبيت الثلاثية التي اقترحها عون والتي تتضمّن وصوله الى رئاسة الجمهورية، والحريري الى رئاسة الحكومة.

ومع تأزّم الوضع الحكومي مجدداً، تبدو الرابية أمام مفترق طرق، إذ إنها تدرس الخيارات المطروحة أمامها والتي تراوح بين البقاء في الحكومة أو تقديم الإستقالة النهائية.

وتقول مصادر مطلعة على أجواء الرابية، إنّ كلّ الاحتمالات واردة، لكنّ هناك محاذير ترافق أيّ خطوة، لأنّه إذا خرج التكتل من الحكومة فإنّ ذلك قد لا يعطي النتيجة المتوخاة، خصوصاً إذا لم يترافق من جهة مع موقف مماثل من حليفه «حزب الله»، ولا سيما أنّ كلّ المؤشرات تدلّ على أنّه لن يتّخذ خطوة، ومن جهة أخرى مع حاضنة مسيحية، علماً أنّ تلك الحاضنة غير مؤمَّنة حتى الساعة لأنّ حزب «القوات اللبنانية» غير مشارك في الحكومة وقد لا يرافق عون الى الشارع إذا قرّر النزول، إلّا إذا تطوّرت الأمور سريعاً.

أما خروج وزير الكتائب من الحكومة فإنه يعود لأسباب مختلفة عن «التغيير والإصلاح» ولها علاقة بحسابات حكوميّة وإنتخابية ومناطقية وليست لأسباب تشاركية أو ميثاقية، فيما التكتل لم يتضامن مع الكتائب أو يرفّ له جفن، لذلك من المتوقع أن يبادله الأخير بالمثل.

ويبقى المحظور الأهمّ، أنه إذا ذهب التكتل الى تصعيد الوضع وتوتيره في الشارع أو عبر خلق أزمة سياسية، فإنّ هذه الخطوات قد تؤدّي إمّا الى إنفجار الوضع وهذا أمر ممنوع نتيجة القرار الأميركي والدولي، وإما الى تسوية سياسية قد تكون سريعة وخاطفة ولا تؤمّن وصول العماد عون الى الرئاسة، بينما استمرار الستاتيكو الحالي يُبقي حظوظ عون كما هي.

وبما أنّ عون يُريد كسب ودّ الجميع، فإنّ أيّ مواجهة حالية مع المكوّن السنّي وبعض الشيعة قد تُسبّب له تراجعاً في حظوظه، مهما كانت المطالب التي يرفعها محقّة وتمثّل معظم المسيحيين.

إضافة الى أنّ ذهاب عون بعيداً في مواجهة قيادة الجيش سيؤثّر سلباً عليه، لأنّ قرار عدم السماح بالفراغ في القيادة هو قرار دولي قبل أن يكون محلياً، وأيّ عرقلة على هذا الصعيد ستغضب الناخب الدولي الأوَّل في الرئاسة، علماً أنّ العُرف يقضي بأن يعيّن قائد الجيش الماروني عند بداية كلّ عهد رئاسي، وأيّ خطوة من هذا القبيل في غياب الرئيس، تُعتبر انتقاصاً من دوره.

كلّ المؤشرات تدل على أنّ الأمور لن تنفجر في لبنان، رغم أنّ الأزمة السياسية مستمرة، لكنّ انتخاب الرئيس لم يكن يوماً لبنانياً، وبالتالي فإنّ كلّ ما يحصل هو لعب داخلي لا أكثر ولا أقل الى حين نضوج التسوية الإقليمية والدولية.