غباي: الحرب ضد حزب الله لا طائل منها
انضم رئيس حزب العمل آفي غباي الى المحذرين من تورط إسرائيل في حرب ضد حزب الله في لبنان، على خلفية الازمة السعودية ــــ اللبنانية. يأتي هذا الموقف في خضم السجالات التي تشهدها الساحة السياسية والاعلامية حول الموقف من الازمة التي افتعلتها السعودية ضد لبنان، وتقدير مفاعيلها الداخلية والاقليمية. يتقاطع استمرار إطلاق المواقف والتقارير حول الدور الذي تلعبه إسرائيل دعماً للخيار السعودي في لبنان، مع ما كشفه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، في كلمته لمناسبة أربعين الإمام الحسين ويوم شهيد حزب الله، بأن السعودية طلبت من إسرائيل ضرب لبنان.
بعد تحذيرات سابقة من معلقين ودبلوماسيين إسرائيليين (السفير الاسرائيلي السابق في واشنطن دان شابيرو)، شدّد رئيس حزب العمل المعارض، في مقابلة مع إذاعة «كان»، على أن «إسرائيل لا تستطيع أن تكون جزءاً من أدوات السعودية في الحرب ضد حزب الله». وهو ما يدفع الى التساؤل عمّا لديه من معلومات تدفعه إلى التحذير من لعب دور الأداة، مع الإشارة الى أن القانون الاسرائيلي ينص على ضرورة التشاور بين رئيس الحكومة ورئيس المعارضة (غباي) حول القضايا الاستراتيجية.
ولا معنى للإسهاب الذي تعمّق فيه غباي تحليلاً لخيار التدخل العسكري وكلفته، الى جانب غيره من المعلقين والخبراء، لولا توافر معلومات وتقديرات قوية تصبّ في هذا الاتجاه. وممّا عزز هذا المفهوم أن غباي لم يكتفِ بإطلاق تحذير عام، بل توغل في شرح ظروف إسرائيل والأثمان والنتائج. ولفت في هذا المجال محذراً من أن «إسرائيل هي الموجودة على حدود لبنان وليس السعودية»، في إشارة الى أن من سيدفع الثمن المباشر هم الاسرائيليون وليس النظام السعودي. وأصبح الأمر أكثر وضوحاً عندما ارتقى في توجيه دعوة مباشرة الى «حكومة إسرائيل للتصرف بحكمة وحذر». وتناول السيناريو الذي سيترتب على أي خطأ إسرائيلي في هذا الاتجاه بالتحذير من «عدم الدخول في لعبة الدومينو، لأننا في نهاية الامر سنجد أنفسنا في حرب أخرى في لبنان». تكشف العبارات التي استخدمها غباي عن قلقه من محاولة تذاكي حكومة نتنياهو بالمبادرة الى ضربات محددة ومحدودة، وتحديداً عندما استحضر «لعبة الدومينو» لاستشراف ما سيترتب على أيّ خطوة إسرائيلية من هذا النوع. ويعني ذلك أنه يجزم برد من قبل حزب الله بالمستوى الذي يستدرج رداً إسرائيلياً مضاداً ثم التدحرج نحو حرب. ولو لم يكن لديه هذا التقدير لانتفى سيناريو الدومينو. من هنا، يكشف موقف غباي أيضاً عن مدى تغلغل رسائل الأمين العام لحزب الله الردعية في وعي قادة المؤسسة الاسرائيلية.
أما عن خلفية الحذر الذي أبداه غباي فقد أجمله في العبارة الآتية: «واضح أننا سننتصر في حرب كهذه، وواضح أن الحرب ستكون للجانب الثاني مؤلمة جداً، لكن هذه حرب لا طائل منها». المستغرب في كلام غباي محاولة الجمع بين تأكيده أن إسرائيل ستنتصر في الحرب، وفي الوقت نفسه ستكون لا طائل منها. مع ذلك، تكشف عبارته الأخيرة عن تقدير يتبنّاه أنها ستكون من دون جدوى، الذي يشكل عنصراً أساسياً في معايير تحديد النصر.
في سياق التقارير الاسرائيلية التي تتناول موقع الكيان الصهيوني ودوره في الازمة اللبنانية ــــ ويحمل بعضها طابعاً سجالياً ــــ عنونَ المعلق العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، مقالته بأن «إسرائيل لا تسارع إلى القيام بالعمل القذر لصالح السعودية»، وهو ما يعكس مدى حضور هذا المفهوم لدى المعلقين الإعلاميين في تل أبيب، مؤكداً أن المسؤولين السعوديين «قد يكونون مهتمين» بنشوب حرب إسرائيلية مع حزب الله، لكنه رأى أن «إسرائيل ليس لديها مصلحة مباشرة في اشتعال عسكري». وأقرّ بأن السعودية راهنت سابقاً مرتين على تدخل عسكري إسرائيلي مباشر، وخاب أملها؛ الاولى بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، والثانية عبر تدخل الجيش الإسرائيلي ضد النظام السوري. وهو ما لم يحصل. لكن هرئيل عاد وحذَّر من أن «التحركات السعودية الحثيثة تزيد من التوتر في الساحة المحمومة أصلاً، وغالباً ما توجد فيها إسرائيل وحزب الله على مسافة خطأين متبادلين من الحرب».
الى ذلك، رأى معلق الشؤون العسكرية في صحيفة «إسرائيل اليوم»، يوآف ليمور، أن الاحداث التي تتوالى على الجبهة الشمالية، من ضمنها إجبار الرئيس سعد الحريري على تقديم استقالته، تندرج في إطار «الصراع على الصورة المستقبلية للمنطقة الشمالية» بعد زوال الخطر الوجودي عن نظام الرئيس الأسد. وشدد على أن «المصلحة الإسرائيلية تكمن في التأثير على هذه الصراعات في سوريا ولبنان لكن من دون الانجرار إليها»، قبل أن يعود ويصف هذه المهمة بأنها باتت أكثر تعقيداً.