Site icon IMLebanon

الحروب لحلّ معضلة الأزمات الاقتصادية العالمية!

 

تزداد التحذيرات من تداعيات ضعف الاقتصاد العالمي في شتى أنحاء الكرة الارضية في المرحلة الراهنة، ويبدأ من الاقتصاد في الولايات المتحدة الاميركية حيث يحتاج حالياً الى اكثر من 2,5 مليون وظيفة جديدة، مروراً بالاقتصاد في الصين الذي يقلق العالم ومعه الاقتصاد البرازيلي الذي يجعل من دول الاسواق المعروفة بالناشئة تعيش كابوس هروب الاموال خوفاً من تراجع خطير للاقتصاديات في هذه الدول.

كما انّ الدول الآسيوية تعاني تباطؤ الاقتصاد في الصين واليابان. وترزح منطقة اليورو بدورها تحت سلسلة طويلة من الازمات الاقتصادية والمالية يزاد عليها حالياً أزمة المهاجرين من سوريا وغيرها من الدول التي تعاني الازمات الاجتماعية والعسكرية والاضطهاد والارهاب.

ولا تعيش روسيا الايام المريحة اقتصادياً ومالياً وتتأذى كثيراً من تراجع اسعار النفط شأن الكثير من الدول المنتجة. كذلك الامر بالنسبة لإيران التي لم تخرج بعد من دائرة العقوبات الاقتصادية بالشكل الذي يجعلها تتنفس مالياً واقتصادياً بسهولة.

وها هي المملكة العربية السعودية بدأت تعاني نقصاً في السيولة بسبب انخفاض اسعار النفط ومثلها الكثير من الدول الخليجية. كما انّ اسرائيل نفسها تعاني الضغوط الجديدة الناتجة من الاتفاق الاميركي- الايراني، والذي يضرّ بجوهر مصالحها الاستراتيجية في المنطقة وفي العالم. وها هي تركيا – اردوغان بدأت تستشعر الخطر من الخارج وأيضاً في الداخل.

وفي ظل هذا الاحتقان وعدم الارتياح الاقتصادي والمالي العالمي، والذي تعكسه ايضاً المستويات التاريخية القياسية للديون أكان ذلك على مستوى الحكومات او حتى على مستوى الشركات الخاصة والافراد، والتي يبدو انها وصلت الى خطوط اللارجوع عنها، إذ لا أحد يستطيع بالفعل سداد ديونه كما يتوجب حتى في الدول التي تعتبر تاريخياً دولاً غنية وصناعية متطورة وكبيرة.

اذاً، في ظل هذا الاحتقان الكبير بدأت تتسلسل وقائع جديدة تتمثّل بتزايد الاحتقان السياسي والعسكري بين كبريات الدول في العالم. وما دخول الروس الى سوريا مؤخراً سوى مثال على هذه الوقائع المستجدة ضمن اتجاه عام من الخروج عن المألوف وعن المتوقع ونحو اتخاذ المخاطر الكبيرة التي قد تهدد السلام العالمي، ويبدو أنّ ذلك يبدأ من الشرق الاوسط.

إذ تبدو هذه المنطقة حُبلى بالكثير من المواجهات العسكرية، وبدأت تضيق بالترسانات العسكرية بدءاً من الغرب بقيادة الولايات المتحدة الاميركية ومشاركة اكثرية الدول الاوروبية وصولاً الى روسيا التي يبدو انها لن تكتفي بالاجواء السورية لشنّ الغارات العسكرية الجوية بل وقد تمتد الى العراق، ومن يضمن عدم الذهاب أبعد من ذلك. ويبدو انّ الدول العربية بدأت تغرق هي الاخرى في الحروب.

وليس من قبيل النكتة بدء الحديث مؤخراً عن نوع من الوجود العسكري الصيني في سوريا، فهل تهرب دول العالم من الضائقة الاقتصادية والمالية المتزايدة والتي تبدو بلا مخارج لائقة ومقبولة الى المواجهات العسكرية أو بصراحة أكبر الى ما قد يجدر بتسميته الحرب العالمية الثالثة؟

انّ التاريخ يؤكد انّ المخارج للأزمات الاقتصادية الكبرى يكون عادة من خلال الحروب، فهل يقترب العالم الى حرب عالمية ثالثة ام انّ لغة الحوار الدبلوماسية والتسويات السياسية ستكون هي الحل والمخرج؟…

وفي حين انّ كل ما تقدّم بمكيال واحد، يبقى مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة الاميركية والصين في مكيال آخر ولا يقلّ خطورة على العالم بأكمله.

واذا كانت الولايات المتحدة تتدبّر أمرها وتحتاط للمستقبل من خلال إطفاء عداوات تاريخية استعصى عليها الزمن، مثل المصالحة مع كوبا ومع كوريا ومع ايران، فإنها تدرك تماماً ضخامة التهديدات الصينية، ثاني اكبر اقتصاد في العالم، فإنّ تطوّر الصين وتزايد قدرتها الاقتصادية والعسكرية والبشرية يجعل منها منافساً كبيراً للولايات المتحدة الاميركية على الصعيد العسكري والمالي والسياسي والنقدي وحتى الإيديولوجي.

وما يزيد الامر خطورة اتجاه الاقتصاد في الصين نحو التباطؤ، ما يدفع بالسلطات الصينية للبحث عن الحلول في الخارج بعد فشل إيجادها في الداخل، ويبدو انّ المخاوف الاميركية من الصين دفعتها للتعالي عن الكثير من معتقداتها وقناعاتها السابقة.