Site icon IMLebanon

هل كان بالإمكان «التمديد للمجلس» دون قانون جديد؟

قبل 9 أيام على نهاية ولاية مجلس النواب يتعثّر البحث عن مخرج من المأزق الذي دخله قانون الانتخاب الجديد. فقد تقلّصت المخارج الى الحدود القصوى بفعل الضوابط التي وضعها رئيس الجمهورية في مرسوم الدورة الإستثنائية فضلاً عن المهلة القصيرة المتبقّية من عمر المجلس، ما يعني أنّ معظم الأبواب قد أوصدت وبات القانون مفتاحها السحري الوحيد. كيف ولماذا؟

رغم إقرار الجميع بضيق الوقت وتقلّص المخارج المحتملة لتدارك المتوقع من الأزمات السياسية والحكومية والتشريعية في حال حصول الشغور النيابي فجر 20 حزيران الجاري إذا لم يتمّ التوصّل الى قانون إنتخابي جديد، هناك مَن لا يزال مستعداً لخوض مزيد من المناقشات ضمن الجدران الأربعة المخصّصة في أكثر من موقع رسمي وخاص للجدل البيزنطي.

ليس الهدف من هذا الكلام توجيه التهمة الى جهة دون أخرى فالجميع أتقن هذا النوع من الجدل في السنوات الماضية التي تلت التعهّدات التي قطعها مجلس النواب والحكومات المتوالية منذ انتخابات العام 2005 الى اليوم بإقرار قانون انتخاب جديد عصري وعادل يساوي بين اللبنانيين من مواقعهم المختلفة كمرشحين وناخبين في آن، ويدفن قانون الستين القديم والمستنسَخ في مؤتمر الدوحة بتعديلات جينية في دوائره عام 2008 على حدٍّ سواء.

وأمام هذه المشهدية السياسية كان لا بد من قراءة سيل المواقف المتناقضة وتلك المتبدّلة من مشاريع القوانين التي طُرحت منذ بداية العهد الجديد دون أن يكسب أيٌّ من مقترحيها السباق الى غرفة الولادة الطبيعية أو القيصرية لأيٍّ منها. لا بل فإنّ سلسلة اللقاءات والمساعي الجارية ما زالت مستمرة بلا جدوى.

وما رفع القلق، قد تجاوز الحديث عن مدة التمديد الثالث للمجلس النيابي الحالي في انتظار التثبّت من قدرة اللبنانيين على فهم أيّ قانون جديد للإنتخاب متى تمّ التفاهم عليه، ومعهم الموظفون الذين سيكلفون إدارة العملية الإنتخابية وصولاً الى الخوف الجدّي من أنّ ما بُذل من مساعٍ وحراك قد يكون مجردَ «مسلسل مكسيكي طويل» افتقدته شاشات التلفزيون منذ فترة طويلة امتدت لتجتاح برامج شهر رمضان الإستثنائية الأخيرة ليتحوّل الى «تلفزيون الواقع» .

وبعيداً من التهكم، فإنّ هذا الحديث لم يكن حديث صالونات، بل بات على لسان مرجعيات سياسية وحزبية ووطنية تتخوّف من وجوده، كلما غاصت بالبحث في مواقف الأطراف المعنية بالملف وخلفياتها، خصوصاً عند الكلام عن الأفخاخ والمكائد التي نُصبت بين الأطراف المختلفة بمَن فيهم من حلفاء وحلفاء الحلفاء والخصوم معاً.

وعلى هامش الحديث عن حجم الخلافات وما رافقها من تسريبات يتحدّث آخر السيناريوهات المتداوَلة عن اتهامات متبادلة تناولت شكلاً من أشكال التخوين والطعن في الظهر بين مَن ساد الإعتقاد أنهم من «أهل البيت الواحد»، وخصوصاً على مستوى الثنائيات الحديثة الولادة على أكثر من مستوى نتيجة التوافقات التي نمت بين مجموعات كانت على لائحة خصوم الأمس على هامش البحث في القوانين الأخيرة والتحالفات التي يمكن أن تقوم على أساس ما قالت به هذه القوانين.

وبعيداً من التفاصيل التي رافقت الحراك الأخير عقب صدور مرسوم الدورة الإستثنائية لمجلس النواب، فقد ثبت أنّ معظم التفاهمات الثنائية والثلاثية التي اعتقد البعض أنها صامدة قد اهتزّت بقوة. وإرتفعت السواتر بين الحلفاء الى درجة باتت تهدّد بفرط ما قام منها بين ليلة وضحاها، أو تلك التي ترعرعت تحت سقف التركيبة الحكوميّة الأولى للعهد وعلى هامش بعض المشاريع الإستثمارية الكبرى التي قادت الى تحالفات مالية وسياسية وإدارية كبيرة لم تكن ممكنة لولا ضخامة مردودها على كل المستويات المادية والسياسية والحزبية.

وعليه، فإنّ أقلّ ما يُقال هو أنّ التحالف بين «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر» قد اهتزّ، وكذلك التحالف الذي نشأ بين «التيار» و«المستقبل» بعدما وضع التفاهم العريض الذي صاغه الرئيس نبيه بري بين كل مِن معراب و«بيت الوسط» والضاحية الجنوبية والمختارة والذي دفع رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل الى التشدّد في الإجتماعات الأخيرة وإحياء مجموعة مقترحات وأفكار كانت قد طُويت سابقاً رفضاً منه لهذه التفاهمات العريضة التي أخرجته عن طوره وباتت تهدّد مشاريع العهد الجديد في بداياته.

ولمزيد من التوضيح فقد اكتشف أركان «التيار» أنّ تفاهماً عريضاً قد حصل على نقل مشروع قانون الإنتخاب الجديد من حضن الحكومة واللجان الوزارية الى المجلس النيابي لتوليده في ساحة النجمة بالتصويت ورفض مقترحات باسيل أيّاً كان الثمن حتى ولو كان على حساب رئيس الجمهورية وتياره وصولاً الى اقتراح التمديد للمجلس النيابي مقروناً بالإعلان عن التفاهم على عناوين القانون الجديد، على أن تخصّص الفترة المقترحة للتمديد بسنة كاملة للإتفاق على بقية التفاصيل وهو ما شكّل نقزةً كبيرة لدى «التيار» ما زالت تتفاعل.

وليس من الواضح كيف سيتمّ تجاوزها بعد عودة الرئيس سعد الحريري من السعودية، وحسم مصير الدعوة الى مجلس وزراء استثنائي من عدمه، كذلك بالنسبة الى مصير جلسة الإثنين النيابية تأجيلاً أو تثبيتاً. فالوقت لم يعد يتّسع للمناورات وقد تقلص هامش الحركة أمام الجميع وبات اللعب على حافة الهاوية من أخطر مظاهر الأزمة.