Site icon IMLebanon

أهمية موقع سوريا الجيوسياسي بالنسبة لواشنطن

 

عندما يقول المبعوث الاميركي إلى سوريا جيمس جيفري بتاريخ 31 أيار 2020 بأن بنود قانون قيصر ستلاحق الأفراد والمجموعات التي تتعامل مع نظام الرئيس بشار الأسد وصولاً إلى تلميحه بأن سوريا لن تعرف طعم الراحة ما دام الرئيس الأسد باقٍ في السلطة، ندرك أن غزو قانون قيصر لسوريا مرده إلى تحالف نظامها مع روسيا وايران بهدف التصدي لمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي بدأ عقب تفجيرات 11 أيلول 2001 في اميركا، والرامي إلى نهب ثروات الأقطار العربية وتصفية كل الحركات المقاومة له، ومن هنا نعرف لماذا تولي واشنطن أهمية كبرى لموقع سوريا الجغرافي ولماذا اندلعت الحرب في ربوعها.

 

إن موقع سوريا يقع على تقاطع خطوط التبادل والتجارة بين القارات الثلاث آسيا وأوروبا وأفريقيا، وانطلاقاً من هذا الموقع الجيوسياسي تهدف بلاد السوبرمان إلى السيطرة على سوريا عبر تنصيب حكومة موالية لها من أجل مد خطوط الطاقة من الخليج العربي إلى أوروبا عبرها لكسر حاجة القارة العجوز للغاز الروسي واضعاف موسكو وكذلك لجعل الأراضي والمرافئ السورية ممراً لاستيراد وتصدير البضائع إلى دول الخليج العربي.

 

وبتاريخ 18 كانون الثاني 2018 تحدث موقع الـbbc الناطق باللغة العربية عن مندرجات الاستراتيجية الأميركية الجديدة في سوريا ومنها المندرج القائل بضرورة التواجد الأميركي في شرق سوريا إلى أجل غير مسمى لمواجهة النفوذ الايراني بهدف منعه من تشييد ممر بري يربط بين طهران وبيروت والوصول إلى تسوية سياسية للأزمة السورية تقصي حكم عائلة الأسد، وقد شدد على ذلك حينها وزير الخارجية الأميركية ريكس تيليرسون يوم 17 كانون الثاني 2018 في كلمة له في معهد هوفر التابع لجامعة ستانفورد ا لأميركية.

 

وعندما نعود إلى تلك الكلمة أي سنتين ونصف إلى الوراء لا يعود من مجالٍ للتساؤل لمَ هبط قانون قيصر الموشوم بأدبيات الاستراتيجية الاميركية الجديدة في سوريا على قصر المهاجرين في دمشق؟

 

إن قصة النزاع في الألفية الثالثة بين واشنطن ودمشق تعود إلى ما قبل فترة الغزو الأميركي لبلاد الرافدين، العراق بقليل. فديك تشيني ورامسفيلد طالبا بادراج سوريا حينها ضمن لائحة محور الشر على خلفية استمرارها بالحصول على النفط العراقي خارج قرار مجلس الأمن، وعندما حاول وزير خارجية أميركا كولن باول اقناع الرئيس بشار الأسد أثناء تواجده في دمشق بالتوقف عن استلام النفط العراقي رفض الأسد الخضوع للمشيئة الاميركية، الأمر الذي جعل باول يتهمه بالرجل العاشق للعصيان والتمرد.

 

والجدير ذكره أن ميخائيل وهبة ممثل سوريا في الأمم المتحدة في تلك الفترة قال بأن الأدلة التي تقدمها أميركا حول أسلحة الدمار الشامل العراقية هي أدلة مختلقة تستخدمها كحجة أو كمسوغ لضرب العراق بغية اتاحة الفرصة أمام الشركات الأميركية والاسرائيلية لجني أرباحها من المقاولات التي ستلي هدم حجره وقتل بشره.

 

واشتد الحنق الاميركي على سوريا عندما عاد كولن باول إلى دمشق وطالب بطرد قادة المقاومة الفلسطينية ونزع سلاح حزب الله وانسحاب الجيش العربي السوري من لبنان والتعاون مع حكومة الاحتلال الأميركي للعراق، وعندها ما كان من بثينة شعبان إلا أن أجابته باسم الخارجية السورية قائلةً «إننا مستعدون للمشاركة في حل المشاكل المحلية ولكن نرفض الرضوخ والاذعان للاملاءات الاميركية».

 

وأتى تاريخ 10 كانون الأول 2019 لينذر باقتراب اجتياح قانون قيصر لسوريا، ففي ذلك اليوم كشف معهد دراسات الحرب asw في تقرير صادر في واشنطن بأن بقاء الرئيس بشار الأسد في السلطة سيظل العقبة الرئيسية أمام تحقيق السلام في سوريا، ويعترف تقرير صادر عن البنتاغون بأن الرئيسين دونالد ترامب وباراك أوباما راهنا على فكرة أن تعمد روسيا إلى اجبار الاسد على قبول العملية الديبلوماسية والخروج من السلطة، إلا ان روسيا أبت ذلك. ويختم التقرير قائلاً يخطئ من يظن بأن ما حققته الآلة العسكرية السورية المدعومة من موسكو وطهران سيؤمن لنظام دمشق الطمأنينة والاستقرار، لا بل أن الخيارات ستبقى مفتوحة على مفاجآت عدة. وأذكر بأن اعتراف ترامب بسيادة اسرائيل على الجولان المحتل مرده إلى ان احتياط البترول في الجولان يعادل احتياطي آبار السعودية حسب ما أفاد مركز فيريل للدراسات بتاريخ 9 تشرين الأول 2017، فضلاً عن أن صحيفة هآرتس الاسرائيلية كانت قد قالت بتاريخ 12 نيسان 2019 ان اعتراف واشنطن بالسيادة الاسرائيلية على الجولان يرمي إلى احكام السيطرة الأميركية والاسرائيلية على كميات ضخمة من النفط والغاز تقدر بنحو مليار برميل، وهذا ما سيسهم في تحويل اسرائيل إلى بلد مصدر للنفط بحلول العام 2021.