Site icon IMLebanon

“فرملة” الإندفاعة شرقاً… تحذيرات أميركية شديدة اللهجة؟

 

تعيش الحكومة تخبطاً قلّ نظيره، إذ إنها لم تستطع تحديد سياستها المالية والنقدية بعد، لتضاف إليها مشكلة جديدة وهي السياسة الخارجية.

 

بين علاقات لبنان المميزة بالغرب، وبين تمنيات وطلبات الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله بالتوجّه نحو إيران والشرق “ضاعت الحكومة”، فمن جهة سارعت إلى دراسة الفوائد من التوجه شرقاً، ومن جهة اخرى إصطدمت برفض داخلي كبير وقف سداً منيعاً ضدّ تغيير وجه لبنان الإقتصادي والمالي وحتى الثقافي.

 

وعلى رغم الحماسة الأولى لحكومة الرئيس حسان دياب، إلا أن الخيار المشرقي ما لبث أن تفرمل نسبياً لأسباب عدة أولها رفض عدد من المكونات الداعمة للحكومة وعلى رأسها “التيار الوطني الحرّ” ورئيسه النائب جبران باسيل لحسم الخيار شرقاً، بل طالب بعدم تضييع فرصة التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وبالتالي فإن باسيل الذي يحاول “تظبيط” وضعه مع الأميركيين لن يدخل في مثل هكذا مغامرة.

 

أما السبب الثاني والأساسي فهو ما يتردّد عن وصول رسائل تحذير أميركية للحكومة بأن مثل هكذا خيار ستكون له ترددات وسيعرّض لبنان لعقوبات مباشرة في حال قرّر كسر الطوق المفروض على إيران وسوريا والإتجاه نحو مواجهة الإستراتيجية الأميركية في المنطقة، والتي تستعمل السلاح الإقتصادي في مواجهة إيران التي تتهمها بدعم الإرهاب وزعزعة الإستقرار في الشرق الأوسط.

 

وينقل بعض المسؤولين عن أن واشنطن لن تسمح لحكومة دياب بأن تأخذ لبنان إلى الصف المعادي لها، فهي وإن كانت تبدي بعض الليونة تجاه تصرفات السلطة وذلك للحفاظ على أمن لبنان وإستقراره، إلا أنها في المقابل لن تسمح لأي جهة كانت بأن تكون الواجهة وتُستخدم من قبل إيران لمحاربتها.

 

من هنا فإن الموقف الأميركي بات واضحاً في ما خصّ خيار التوجه شرقاً وتحديداً نحو إيران وإستطراداً الصين وهو: “لا نقول لكم ماذا تفعلون وأي طريق تسلكون، فأنتم أحرار في خياراتكم لكن تحملوا نتائج خياراتكم، فالدول والجهات التي تريدون أن تصطفوا في صفها إطلبوا منها المساعدة”.

 

ويظهر الحزم الاميركي جلياً تجاه ما يسمى بمحور “الممانعة” مع الصرامة في تطبيق قانون “قيصر”، من هنا فإن واشنطن التي تعتبر نفسها تخوض مواجهة مع إيران بسبب تمددها في المنطقة وأهدافها السلطوية، ومع الصين بسبب الحرب الإقتصادية المندلعة وإتهام الرئيس دونالد ترامب بكين بتسترها عن وباء “كورونا”، لا تنتظر من لبنان أن يطعنها في ظهرها، وهي التي لا تزال تمدّ الجيش اللبناني بالدعم العسكري ولا تفرض عقوبات على الدولة اللبنانية وبعض المؤسسات، بل تكتفي بفرض العقوبات على الأشخاص المتورطين بالتعامل مع “حزب الله”.

 

ويؤكد المطلعون على الموقف الأميركي أن واشنطن لا تعمل على طريقة رستم غزالي وغازي كنعان، أي إنها لا تصدر الأوامر أو تطلب تنفيذ بعض الأمور بالتهديد، فهي تنقل تمنياتها ورغباتها وتنصح، لكنها في المقابل تملك مصالح حيوية وإستراتيجية لا تسمح لأحد تجاوزها لأن من يتجاوزها فإن “سيف” العقوبات حاضر بحقه، ومن هنا تُفهم إستدارة بعض من هم في صف “حزب الله” ومحاولتهم التمايز عنه وعلى رأسهم باسيل و”التيار الوطني الحرّ” وكل من يملك مصالح مع الأميركيين.

 

ويحاول بعض الوزراء توضيح طروحات التوجه شرقاً والتخفيف من وطأتها وعلى رأسهم وزير البيئة دميانوس قطار الذي يعتبر مهندس السياسات المالية لحكومة دياب، لكن كل هذه التوضيحات لن تنفع في حل مسألة التفاوض مع صندوق “النقد” ولجم إرتفاع الدولار وتخفيف وطأة الأزمة الإقتصادية على اللبنانيين، خصوصاً أن طروحات التوجه شرقاً تضرب النظام الإقتصادي اللبناني ولا تجد حلاً لكل المشاكل لا بل تعمّق الأزمات وتسرّع وتيرة الإنهيار.