أن يكون لبنان ساحةً للصراع الدولي، بدءاً من الإقليم حتى واشنطن وبيجينغ مروراً بطهران وأنقره وباريس بالطبع، فهذا ليس أمراً جديداً. ولعلّه قدَر هذا الوطن. إلا أنّ الجديد، المؤذي، المُخجِل، فهو أنّ معظم مُتصدّري هذه الساحة نشأوا على التبعية فليسوا أصدقاء للخارج وبالطبع لا نقول «أنداداً».
قُيّضَ لنا أن نتعرّف، أحياناً عن قرب، إلى القيادات والزعامات السابقة، ومن تلك المعرفة نورد الآتي:
أولاً- لم يكن أولئك ملائكة وقدّيسين (كما درَجنا على القول) إنما كان عندهم هاجس بناء الدولة مقروناً بالتصميم على العمل من أجل تثبيت دعائمها.
ثانياً- لم يكونوا أطهاراً وأتقياء، ولكنّهم حرِصوا على المال العام أكثر من حرصهم على أموالهم وممتلكاتهم.
ثالثاً- كانوا أصدقاء للخارج ولم يكونوا أتباعاً أو مُرتَهنين، وبالطبع لم يكونوا عُملاء. كانوا يقولون الكلمة الحقّ في وجه جمال عبدالناصر وشاه إيران محمد رضا بهلوي والملك فيصل آل سعود، وأمام واشنطن وموسكو وباريس ولندن… ولم يكونوا ينتظرون الأوامر من شرق أو غرب حتى يتّخذوا قراراً.
رابعاً- لم يخرجوا على الطائفة والمذهب ولكنّهم شكّلوا كتلاً وتجمّعات سياسية مختلطة. وعليها بَنوا نظاماً ديموقراطياً قاعدته الموالاة والمعارضة (الكتلة الدستورية / الكتلة الوطنية. الحلف / النهج…) وكان كلّ من تلك الكتل والأحلاف يضمّ رموزاً من مختلف ألوان الطيف اللبناني.
إستمرّت الحرب في لبنان نحو 15 سنة (1975 – 1990) ولم تهتزّ الليرة اللبنانية ولم يقع لبنان في الدَين الخارجي ولو بدولار واحد. أمّا الدَين بالعملة الوطنية فكان لا يُذكر. وعندما إرتفع الدولار في الحرب ثلاثة قروش قياساً إلى الليرة طار صواب الرئيسين سليمان فرنجية ورشيد كرامي لإعادة الإستقرار المالي. أجل ثلاثة قروش من 247 قرشاً إلى 250 قرشاً ثمن الدولار الواحد… واستمرّ سعر صفيحة البنزين طوال الحرب وما بعدها بسنوات سبع ليرات وربع الليرة.
أمّا أنتم أيها المَزعومون قادةً وزعماء ومسؤولين فماذا أبقيتم من لبنان؟
خليل الخوري