Site icon IMLebanon

سنوات عجاف تنتظر لبنان

 

لقد بات السؤال الذي لم يعد يفارق الألسنة في أيامنا هذه، هل ستعقب مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل تطبيعاً؟

 

كل المؤشرات الحالية العلنية تنفي هذه الفرضية نفياً قاطعاً، فالأميركي نفاها كما الفرنسي وكذلك فعلت حركة «أمل» و«حزب الله» ورئاسة الجمهورية. لكن على ما يبدو فقد ظهرت مؤشرات علنية مسربة عن ديفيد هيل تتحدث عكس ذلك إذ أن مصدراً مقرباً منه يقول بتاريخ 19 آب 2020 بانه في غضون ثلاث سنوات اعتباراً من يومنا هذا، مروراً بمهمة ترسيم الحدود البحرية سيتم بعد ذلك تسليم المرافئ والحدود والمطار للاشراف عليهم من قبل قوات اليونيفيل وستكون هناك حكومة انقاذية بدعم خليجي أميركي فرنسي وبتسهيل من حزب الله ستشرف على تلك الورشة، وستبصر الاصلاحات النور وسيتلقى لبنان مساعدات من البنك الدولي ومؤتمر سيدر، وستحدد ملكية مزارع شبعا مع اتفاق على وضعها في عهدة قوات اليونيفيل لمدة خمسين سنة، وسيتم توقيع اتفاقية معدلة عن القرار 1701 ولكن دون تسميته اتفاق سلام وذلك بعد زيارة ماكرون للبنان.

 

وبعد ذلك ستظهر مرحلة انتقالية يعقبها اتفاقية سلام كامل بعد ثلاث سنوات لحين حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين الذين سيرحّل جزء منهم إلى السعودية والامارات والكويت لتوطينهم في تلك البلدان وسيتم الاعلان عن هذا الاتفاق قبل الانتخابات الأميركية، وفي الختام سوف يتم اعادة تفعيل اتفاق ايران النووي معدلاً بشروط لا غالباً فيها ولا مغلوب وخصوصاً أن نفوذ طهران بالنسبة للأميركيين بات شبه منتهٍ في سوريا وقد تقلص في العراق عبر حكومة الكاظمي وفي لبنان عبر كف يد حزب الله عن أهم مرافق الدولة والحدود.

 

ومن ناحية أخرى وبتاريخ 20 أيلول 2020 كانت صحيفة هآرتس العبرية قد نشرت مقالاً للكاتبة miran khwais تناولت فيه الأسباب التي من الممكن أن تدفع لبنان إلى التطبيع مع اسرائيل، وأهمها التدهور الاقتصادي الذي يعاني منه لبنان والموقف المحرج لحزب الله أمام كل اللبنانيين من كل الأطياف الذين اعتراهم الفقر والجوع والبطالة أي أن الكاتبة المحت إلى أن العقوبات على حزب الله أدت مهمتها.

 

وأضافت ميران قائلةً مما لا شك فيه أن انفجار ميناء بيروت سيشكل سبباً آخر للتطبيع، حيث دمر ذلك الانفجار أجزاءً كبيرةً من ميناء لبنان الرئيس وأحد أكبر الموانئ وأكثرها ازدحاماً في شرق البحر المتوسط، ثم أنه ومع توقفه عن العمل قد يكون هناك فرصة للتعاون مع ميناء حيفا الاسرائيلي لاستيراد وتصدير البضائع،وقد يؤدي هذا إلى تطبيع فعلي مع لبنان على أسس اقتصادية يمكن أن تجعل الامور تنجرف بعد ذلك نحو الاعتراف السياسي.

 

ولكن تختم ميران قائلةً تبقى أكبر عقبة أمام ذلك متمثلة بوجود حزب الله وسلاحه وهو الحزب الذي يعمل كدولة داخل الدولة، ويمتلك كلمته القوية في تشكيل الحكومات اللبنانية. إذاً يمكن القول بأن الولايات المتحدة الأميركية تخطط لبدء عملية التطبيع بين اسرائيل ولبنان مباشرةً عقب انتهاء المفاوضات لترسيم الحدود البحرية بنجاح.

 

من هنا فعلى لبنان وشعبه المسكين توقع أشهر صعبة مقبلة إن لم نقل سنوات صعبة مقبلة. فواشنطن ستكمل لعبة فرض العقوبات على لبنان بالعشرات وربما بالمئات اعتباراً منها بأن تكتيكها هذا يشكل السلاح الوحيد الذي أرغم حزب الله وحركة أمل على القبول بذهاب لبنان إلى مفاوضات ترسيم الحدود البحرية تحت ضغط دولار واحد يعادل تسعة آلاف ليرة لبنانية. لكن هل من الممكن أن تبقى أيادي حزب الله مكتوفة تقف موقف المتفرج بصمته الذي يعتبر سيد الموقف حتى الآن وتسمح للمخطط الاميركي بإكمال طريقه نحو ما يصبو إليه أم أن مقاومته ستبدأ؟

 

عملياً إن سلاح العقوبات سيستمر وبالتالي سعر الدولار على الأرجح سيستمر بالارتفاع لأنه بالنسبة للأميركي المعادلة تقول لا تعافي لاقتصاد لبنان إلا بنزع سلاح حزب الله، ولأن واشنطن تعتبر هذه الخطة هي الوحيدة لارغام الثنائي الشيعي على التنازل كل فترة عن مكسب ثمين إلى أن تجردهما من مكاسبهما المحققة طيلة عقود من الزمن. ثم ان حزب الله سيعتبر أن هذا التكتيك الاميركي كفيل إن تُرك حراً يسرح ويمرح سينفذ كل مندرجات صفقة القرن بحذافيرها الكاملة، وإن نجحت واشنطن في ذلك سيخسر الحزب وداعموه من أكثر من دولة واحدة قضيتهم ومبرر وجود السلاح ونفوذهم السياسي القوي في لبنان.

 

من هنا يجب عدم التناسي بأن واشنطن ستعود لتراهن على ضغط الشارع في ظل عودة نجم الخطاب الطائفي إلى السطوع بهمجية ووحشية.

 

من هنا أشهرٌ أو سنوات عجاف بانتظار لبنان وخيار الحرب بين الحزب واسرائيل مازال وقوعه محتملاً حتى لو بعد فترة طويلة نسبياً يكون فيها سعر الدولار الأميركي قد ارتفع إلى درجة لن يعود بمقدور اللبناني الصمود امامه، وأيضاً في ظل استمرار شبحي التدويل والتوطين مخيّمين على لبنان وهما ركنان أساسيان من أركان صفقة القرن .