ما زالت الأجواء الحكومية غير واضحة المعالم، على الرغم من المسودة التي رفعها الرئيس المكلف سعد الحريري لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون والتي حملت أسماء 18 وزيراً، ولكن رفضها بات أمراً واضحاً، إذ تكشف معلومات بارزة أن هناك أجواء لا توحي بقرب ولادة الحكومة إلا من خلال معجزة أو في توقيت إقليمي ودولي قد يدفعها إلى الولادة كما حصل في محطات سابقة، وذلك مرده عدم توافق داخلي ودولي على نواحٍ أساسية تتمثل بمشاركة حزب الله حيث ما زالت الإدارة الأميركية ترفض أن يشارك الحزب أو حتى من يمثله في الحكومة العتيدة، وهذا يشكل تبايناً بين واشنطن وباريس، وقد قيل بأن اللقاء الأخير لوزير الخارجية الأميركية مارك بومبيو مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لم يكن إيجابياً لناحية العرض المسهب حول الحكومة المقبلة في لبنان، إذ تمنى وشدد بومبيو على ماكرون ضرورة استبعاد حزب الله، ولكن الرئيس الفرنسي وفق ما تنقل بعض الأوساط المقربة من الفرنسيين في بيروت قد يقارب الوضع مع الأميركيين إلا أنه الأكثر اطلاعاً على خصوصية لبنان وظروفه وهو يسعى لحكومة أخصائيين غير حزبيين، ويستعجل هذا الأمر بغية عدم حصول انفجار اجتماعي في لبنان نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية الآخذة أكثر في التدهور، وعلى هذه الخلفية يأتي مؤتمر الدعم الإنساني من أجل مساعدة العائلات الأكثر فقراً في لبنان، وبناءً عليه فإنّ استعجال المسؤولين اللبنانيين أو البعض منهم لتشكيل الحكومة قبل هذا المؤتمر قد يذهب أدراج الرياح نتيجة التعقيدات الكثيرة المحيطة بالملف اللبناني أكان على المستوى الداخلي من خلال الانقسامات والخلافات لناحية التدقيق الجنائي أو قانون الانتخاب، وصولاً إلى الوضعين الإقليمي والدولي خصوصاً بعد اغتيال العالم الإيراني فخري زاده والذي أجج الصراع في المنطقة المقبلة على تطورات وتوترات قد تؤدي إلى حرب. وبالتالي إن لبنان قد يكون الأكثر تضرراً في حال حصول أي عمل عسكري أو توترات في المنطقة، نتيجة تحالفات وظروف بعض أطرافه وأحزابه مع إيران، وعلى هذه الخلفية فإن الجميع ينتظر ويترقب ما ستسفر عنه تداعيات اغتيال زاده وكيف سيكون الوضع الميداني والسياسي وخصوصاً مع قرب توالي الاستحقاقات الداهمة، على صعيد تسلّم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مقاليد السلطة وما ستحمل إدارته الجديدة من ملفات ورؤية لمنطقة الشرق الأوسط وخصوصاً للبنان الذي قد يكون الأكثر انتظاراً لمعرفة كيفية تعاطي الإدارة الجديدة مع ملفات المنطقة على اعتبار ان لبنان يتلقى تداعيات الأحداث الإقليمية والدولية، وبناءً عليه يُتوقّع وفق المتابعين والمعلومات المتوفرة أن يكون هناك شد حبال أكثر وانقسام متواصل حول الملفات الداخلية السياسية والاقتصادية والمالية، وخصوصاً التدقيق الجنائي، وهذا ما يؤدي إلى فرملة التأليف في ظل الصراع القائم بين الرؤساء والقوى السياسية والحزبية كافة.
وأخيراً، وحيال هذه الأوضاع، فإن الجميع، وفق ما يصل من معلومات، يرى أن الأسابيع المقبلة ستكون مفصلية وصعبة في ضوء التقارير التي تتحدث عن عودة لمسلسل الاغتيالات والتفجيرات، وهذا ما صرح به أكثر من مسؤول لبناني وخصوصاً ممن لديهم الخبرة الأمنية والاستخباراتية.