عام حافل بالاستحقاقات والتحديات.
في 20 كانون الثاني يتسلّم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن سدّة الرئاسة،
في آذار هناك انتخابات جديدة في إسرائيل،
في حزيران، موعد الإنتخابات الرئاسية الإيرانية، حيث يمكن أن يخلف الرئيس حسن روحاني المعتدل، محافظ مُعادٍ بشكل عام للغرب، لا يجعل الأمور أسهل،
وفي حزيران أيضاً، هناك انتخابات رئاسة الجمهورية في سوريا، وسط حسابات روسية وضربات إسرائيلية وعقوبات أميركية وتمدّد إيراني.
وفي تاريخ مجهول، هناك «لامَوعد» مع ولادة حكومة لبنانية جديدة.
كل هذه الاستحقاقات تتأثر بعضها ببعض، وسط تحولات استراتيجية جيوسياسية لم تبدأ مع السلام بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، ولن تنتهي مع المصالحة الخليجية-الخليجية، وإعادة خلط الأوراق الإقليمية مع انطلاق المرحلة الأميركية الجديدة.
ومن الآن حتى 20 الجاري، تعيش المنطقة أعلى درجات التوتر والغليان وسط تهديدات عسكرية وأمنية بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران.
فقاذفات بي 52 الإستراتيجية لم يرسلها البنتاغون للنزهة في سماء الشرق الأوسط، ولا الغواصة النووية الأميركية «يو إس إس جورجيا»، المحمّلة بـ 154 صاروخاً من طراز توماهوك، التي عبرت مضيق هرمز، ولا الغواصة الإسرائيلية التي عبرت قناة السويس أبحرتا في رحلة صيد، ولا الاستنفار على جانبي الحدود اللبنانية – الإسرائيلية حَصل لِقَطف الورود.
إيران تخشى من حرب يشنّها الرئيس الأميركي دونالد ترامب عليها قبل موعد خروجه من البيت الأبيض، فتطلق رسائل التهديدات العسكرية والأمنية من اليمن والعراق وسوريا ولبنان. وواشنطن تخشى من تنفيذ طهران تهديداتها بالانتقام لاغتيال الجنرال قاسم سليماني، وبالتالي تستعرض قوتها وتبعث برسائل الى القيادة الإيرانية بأنّ الرد الأميركي سيكون خارج قواعد اللعبة المعهودة.
بعد 20 كانون الثاني، يُتوقّع أن تدخل المنطقة في مرحلة تبريد، يتخللها هبّات باردة وأخرى ساخنة، لأنّ كل فريق سيسعى الى تجميع أوراق قوته ليضعها على طاولة المفاوضات الآتية بين الأميركيين والإيرانيين.
أمّا في ما يتعلق بلبنان، فإنّ عملية الكباش في تأليف الحكومة وموازين القوى فيها لا تخرج عن عملية الإمساك بأوراق القوة بين طهران وواشنطن، كما هي حال المفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.
من هنا، فإنّ المبادرة الفرنسية عالقة بين حسابات إيران التي لا تريد شراكة فرنسية معها في لبنان، وبين حسابات واشنطن التي لا تريد خرقاً فرنسياً للحصار الأميركي على «حزب الله» في لبنان.
وبالتالي، فإنّ الرئيس سعد الحريري لا يستطيع أن يشكّل حكومة بلا تمثيل «حزب الله» فيها، ولا حكومة فيها «حزب الله». كما لا يستطيع أن يوافق على منح رئيس الجمهورية و»التيار الوطني الحر» الثلث المعطّل لحسابات تبدأ بالـ«one-way ticket»، ولا تقف عند الإمساك بالسلطة التنفيذية، ولا تنتهي باستحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية.
لكنّ الوضع في لبنان لم يعد يتحمّل كل هذا العبء الإقليمي والنزاع على السلطة، وهو على وشك الإفلاس الإقتصادي والمالي والصحي والتربوي. ولن يفيدنا الرهان على تولّي بايدن منصبه في 20 الجاري لأنّ الوقت يَدهمنا، والأزمات تسحقنا، ولبنان لن يكون في أولوية واشنطن ولا أيّ من أصدقائه في ظل غياب الإصلاحات، التي من دونها لن يقدّم المجتمع الدولي أي مساعدة هيكلية لبيروت.