أمس بدأت، بعد انتظار وترقب وإقبال وإدبار وصد وغزل، على طريقة العشاق الغاضبين، جولة المفاوضات في فيينا، بين النظام الإيراني وإدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن.
سعي حثيث لإحياء جثة الاتفاق المعروف بالاتفاق النووي، وهو الاتفاق الذي مزَّقه الرئيس السابق دونالد ترمب، وقال إنَّه يريد اتفاقية أفضل من هذا العقد المسموم.
تبدو إدارة بايدن حذرة ومتقشّفة في التوقعات، ويبدو النظام الإيراني «متعززاً» مترفعاً… وكل هذه المظاهر من الطرفين لا تعكس بواطن الأمور.
اجتماع فيينا المباشر، أمس، يأتي في أعقاب اجتماع عبر فيديو جرى بينهما الجمعة الماضي، ولقي ترحيباً من واشنطن وطهران. وقال بايدن، إنَّه يرغب في العودة إلى الاتفاق، لكن كلاً من طهران وواشنطن ترى أنَّه ينبغي على الأخرى المبادرة بالعودة إلى الالتزام أولاً.
نتذكر إن كانت قد رفضت الجلوس على طاولة الحوار مع أميركا الشهر الماضي، بعد مبادرة من الاتحاد الأوروبي، رغم أنَّها جاءت تلبية لدعوة وزير خارجيتها، محمد جواد ظريف، الذي دعا الاتحاد الأوروبي، مطلع فبراير (شباط) الماضي، إلى تنسيق خطوات العودة.
«البدعة» الجديدة هذه المرة في القاموس السياسي الأميركي، هو رفع شعار: الالتزام مقابل الالتزام. يعني تلتزم طهران فتلتزم واشنطن، أو العكس، ومن يلتزم أولاً؟ ولماذا وبماذا؟ وما هي المهلة الزمنية؟ وهل ثمة طريق بديل إن ضاع الالتزام؟
الحق وكما قال الأوائل: من جرب المجرب فعقله مخرب… ولا ندري هل الهدف المقدس هو فتح التفاوض والجلوس مع سادة طهران فقط والباقي يأتي في الدرجة الثانية؟ أم الغرض هو «تعويم» نظام الملالي؟ أم الغاية هي ردع النظام الإيراني ومنعه من النووي والقدرات الصاروخية العدوانية وإيقاف السياسات الخبيثة في الشرق الأوسط؟
حسناً ألم يكن ترمب ماضياً في هذا الطريق بنجاعة… ما عدا مما بدا؟