IMLebanon

اهمال وعدائية واشنطن ضد لبنان

 

 

عندما حصل الانفجار الرهيب بمرفأ بيروت، الذي هو بحجم زلزال دمر ثلث العاصمة اللبنانية، هبت كل دول العالم لتقدم المساعدات الى لبنان وحضر شخصيا الرئيس الفرنسي ماكرون ورؤساء وزراء دول عديدة لاعلان تضامنهم مع لبنان ومساعدته، في حين ان الولايات المتحدة لم تبد اهتماما جديا بالنكبة التي حصلت في لبنان، وبالتحديد التي اصابت عاصمته بيروت، وكانت اقل المساعدات جاءت من الولايات المتحدة، رغم ان حجم الولايات المتحدة هو الاول في العالم من حيث القدرة على المساعدة والدعم على كل الاصعدة، خصوصا في المواد المعيشية والغذائية والعمران والاهتمام بسبب الانفجار الذي دمر مرفأ بيروت وثلث العاصمة اللبنانية بيروت.

 

نسأل السؤال ما هي السياسة الخارجية للبنان، في حين اننا نرى ان هذه السياسة تتجاهل الدعم الروسي للبنان وقد رغبت موسكو في دعم لبنان في كل المجالات من مشاريع كهرباء وسكك حديد وغيرها من المشاريع، لكن لبنان يتجاهل الاهتمام الروسي كليا.

 

وهنالك الدولة الكبرى التي لديها قدرات اقتصادية ومالية ضخمة جدا ومشاريع وهي الصين الشعبية، فلبنان ايضا يتجاهل كل تعاون مع الصين المهتمة جدا بالاستثمار وتقديم التمويل لمشاريع كهربائية وتكنولوجية وسكك حديد ونقل، لكن جواب فخامة رئيس الجمهورية لزواره هو ماذا نفعل مع الولايات المتحدة اذا تعاونا مع روسيا والصين وماذا نفعل «بالاميركان» .

 

ثم ان واشنطن ساهمت في تخفيض التصنيف الائتماني للبنان ومصارفه واعترف بذلك شينكر، الذي اعلن بصراحة ان بلاده تدخلت في الانتخابات اللبنانية وما سبقها من اشهر لكنه قال لقد اصبنا بصدمة وخيبة امل لان المعارضة التي تعارض حزب الله والتي دعمناها لم تعط النتيجة اللازمة، ولا يمكن الاتكال عليها وقال كنا نعتقد ان تجربة المجتمع المدني الذي دعمناه سنة 2016 سينجح سنة 2022 في الانتخابات النيابية، لكن لم ينجح مشروع دعمنا للمجتمع المدني سنة 2022 لان المعارضة التي هي ضد حزب الله مصابة بالنرجسية والشخصانية وهم مهتمون بان يتزعموا احزابهم على ان يتوحدوا للاطاحة بـ «النخبة الفاسدة» وفق كلام المسؤول الاميركي مساعد وزير الخارجية الاسبق شينكر.

 

ثم ان الولايات المتحدة التي تتحدث عن حرصها على سيادة لبنان وصوتت على القرار 1701 الذي يمنع خرق السيادة اللبنانية، تركت العدو الاسرائيلي يخترق اجواء لبنان كل يوم بالطائرات الحربية ولبنان ليس لديه طائرات وصواريخ قادرة على منع الطائرات الاسرائيلية من التحليق في اجوائه، هذا اضافة الى استعمال طيران العدو الاسرائيلي للاجواء اللبنانية على علو منخفض حيث يحلق فوق منطقة مجرى نهر ابراهيم وجبيل لقصف مراكز في سوريا مستفيدا من طبيعة الارض ،ويعود يحلق عن طريق العودة فوق الاراضي اللبناينة على علو منخفض، ومع ذلك لا تقول واشنطن اي كلمة عن سيادة لبنان.

 

منذ خمسة اشهر تم الاتفاق على مشروع جلب الغاز من مصر الى لبنان، من اجل تفعيل معامل الكهرباء في لبنان وتزويده بطاقة الغاز لكن المشروع حتى الان لا يسير في طريقه الصحيح، لان واشنطن ما زالت تعارض ضمنا دون اعلان ذلك على استجرار الغاز المصري عن طريق الاردن وسوريا الى لبنان معتبرة ان سوريا قد تستفيد من هذا المشروع وبالنتيجة حل الضرر بمشروع استجرار الغاز المصري الى لبنان وابقاء حالة الكهرباء في لبنان في حالة تعيسة ومزرية، كذلك هنالك مشروع مد الكهرباء من الاردن عن طريق جنوب سوريا في السويداء الى لبنان لتغذية لبنان بالطاقة الكهربائية، التي يحتاج اليها لكن الذي يعطل المشروع الولايات المتحدة وتضرب لبنان ومصالحه الحيوية وما زالت تمنع استجرار الطاقة الكهربائية من الاردن عن طريق سوريا الى لبنان وليس هنالك اي دولة اخرى يمكن ان يمر فيها التيار الكهربائي الاردني الى لبنان الا عن طريق سوريا.

 

فما هي السياسة الاميركية تجاه لبنان؟ فهي لا تحترم سيادته من خلال الطلب الى حليفها الاساسي العدو الاسرائيلي عدم تحليق طائراته فوق لبنان وخرق اجوائه وسيادته، وما هي السياسة الاميركية في منع جلب الغاز من مصر الى معمل دير عمار في شمال لبنان لتزويد لبنان بالطاقة الكهربائية التي يحتاج اليها بشكل كبير جدا، وما هي سياسة اميركا تجاه لبنان عندما تمنع مد اسلاك الكهرباء من الاردن عن طريق سوريا الى لبنان وتمنع عنه الحاجة الى الطاقة الكهربائية المنهارة في لبنان منذ عشر سنوات، وحتى اليوم بشكل فظيع . السياسة الاميركية هي عدائية للبنان ومع ذلك لا ترسم الحكومة اللبناينة سياسة خارجية تأخذ بعين الاعتبار هذا العداء الاميركي من قبل الادارة الاميركية ضد لبنان وتنفتح اكثر واكثر على اوروبا وعلى فرنسا وعلى المانيا الذين قدموا مشروعين للكهرباء في لبنان على ان ينتهي ذلك عام 2023 ويحصل لبنان على الطاقة الكهربائية سواء من خلال شركة كهرباء فرنسا او من خلال شركة سيمنس الالمانية التي قدمت ميركل مشروعا تقوم بتمويله المانيا بنسبة 70 بالمئة وللاسف رفضه لبنان بسياسة التيار الوطني الحر الذي لم يعرف كيف يدير وزارة الطاقة واحياء مشاريع الكهرباء والاستفادة من العروض الخارجية لانهاء مشكلة الكهرباء الحيوية للشعب اللبناني وللصناعة وللزراعة والمعامل، وكل المرافق الحيوية على الاراضي اللبنانية بل عطلها وها نحن في السنة الحادية عشرة مع الوزير فياض يعطل مشروع شركة كهرباء فرنسا تحت عناوين لم تقنع الرئيس نجيب ميقاتي ما ادى الى احتدام الخلاف بينه وبين وزير الطاقة.

 

نعود للسياسة الخارجية اللبنانية تجاه اميركا والابتعاد عن الصين وروسيا من اجل مسايرة اميركا مقابل عداء واهمال اميركي للبنان، والابشع من ذلك ان شينكر المساعد الاسبق لوزير الخارجية الاميركي اعترف في ندوة عقدها في واشنطن بدور واشنطن في الانتخابات النيابية حيث اعلن عن دعمه خصوم حزب الله وخيبة امله بهم لانهم لا يلبون فعليا مطالب الولايات المتحدة لانهم انانيين وشخصانيين ونرجسيين واعلن بوضوح ان واشنطن تدخلت بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية في الانتخابات النيابية في لبنان وقدمت كل الدعم لاخصام الاكثرية الحاكمة التي كانت تحكم لبنان قبل الانتخابات، لكن مشروع واشنطن والسعودية لانشاء اكثرية جديدة فشل فشلا زريعا والدليل على ذلك الانتخابات التي جرت لانتخاب رئيس مجلس نيابي جديد وها هو الرئيس نبيه بري حليف حزب الله الاول عبر الثنائي الوطني الشيعي يعود رئيسا للمجلس النيابي ولو بأكثرية اقل من السابق بكثير.

 

كما ان الاكثرية ضائعة في لبنان فمن يقول ان هنالك اكثرية واقلية فهو غلطان جدا ولا يعرف بالسياسة اللبناينة لان السياسة اللبنانية تدور على مبادئ القطع والصفقات تحت الطاولة وتدخل اميركا في الانتخابات النيابية مع السعودية هو عمل غير ديموقراطي وهو اكبر ضرب للسيادة اللبنانية الشعبية والوطنية، ومع ذلك القوى التي دعمتها اميركا والسعودية تسمي نفسها الكتل السيادية، فاين هي السيادة عندما تأتي الاوامر من واشنطن والسعودية لهذه القوى التي تسمي نفسها لوائح سيادية والتي تريد ان تلعب الدور الاول في انتخابات رئاسة مجلس النواب وتشكيل الحكومة القادمة اذا تشكلت حكومة، لان الارجح اننا سنبقى على حكومة تصريف الاعمال رغم الضرورة لتشكيل حكومة جديدة وعدم الوصول الى فراغ رئاسي على مستوى رئاسة الجمهورية وتكرار تجربة العماد ميشال عون عندما حل الفراغ الرئاسي في ظل حكومة تصريف اعمال وعندها سيكون الانهيار الحالي وجهنم كما وصفها رئيس الجمهورية انهيارا رهيبا، لم يحصل مثله في تاريخ لبنان ابدا رغم ان البنك الدولي قال انه منذ 150 سنة لم تحصل كارثة حلت بلبنان مثل الكارثة التي تحل به الان.

 

فأية كارثة ستكون اكبر من الكارثة الحالية ما لم تضع الحكومة اللبنانية سياسة خارجية تتعاطى فيها مع الصين وروسيا وكل دول العالم ولا تبقى خاضعة للسياسة الاميركية والسعودية الذين لا يفهمون طبيعة الشعب اللبناني الرافض للتطبيع مع اسرائيل، والرافض للسير في ركاب الولايات المتحدة التي فشلت تاريخيا بكل تجاربها الاميركية على الساحة اللبنانية سواء هي ام السعودية.