IMLebanon

واشنطن تدعم وتضغط لتحقيق تقدّم في ملف الترسيم

 

 

تتسارع التطورات في ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع توالي الأجواء من أكثر من مصدر محلي وديبلوماسي، يؤكد أن الحسم سيكون قريباً جداً ولو من دون الإشارة إلى طبيعته وذلك لجهة إمكان التوصل إلى خواتيم تحقق المصلحة اللبنانية وتحفظ حقوق الشعب اللبناني في الثروة البحرية، خصوصاً وأن حرب الغاز في أوروبا قد دخلت منعطفاً جديداً في الأسابيع الماضية، وتحولت إلى حرب نفوذ وتستخدم فيها العلاقات الديبلوماسية مع دول المنطقة بشكل خاص، وهو ما كان دفع الخارجية الأميركية إلى التشديد منذ يومين على ضرورة التقدم في ملف ترسيم الحدود في لبنان، تزامناً مع حثّ المسؤولين اللبنانيين على العمل من أجل تحقيق اتفاق في هذا الإطار في أقرب فرصة ممكنة. وعليه، فإن مصادر ديبلوماسية مطلعة توقفت عند إعلان نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، عن وصول الوسيط الأميركي في ملف الترسيم آموس هوكشتاين إلى بيروت في الأسبوعين المقبلين، واعتبرت أن هذا الإعلان والذي أتى بعد ساعات على تصريح المتحدث بإسم الخارجية الأميركية نيد برايس، وتأكيده على أولوية هذا الملف، قد حمل دلالات على أن نقاطاً جديدة قد تحققت على هذا المحور، حيث أن المصادر وجدت أن الموقف الديبلوماسي الأميركي حمل في طياته «إيجابيات» غير معلنة ولكنها كافية لرسم ملامح مشهد مختلف في ملف الترسيم البحري، وذلك بصرف النظر عن أجواء التصعيد السائدة في الآونة الأخيرة.

 

وبحسب هذه المصادر، فإن الدعوة الطارئة التي وجهتها الخارجية الأميركية، للمسؤولين اللبنانيين على هذا الصعيد، والتأكيد على دعم الإدارة الأميركية لعملية الترسيم، وللوساطة التي يقوم بها هوكشتاين، تأتي في إطار الإهتمام الذي يطبع هذا الملف والمرتبة المتقدمة التي يحتلها على الروزنامة الأميركية في المنطقة، وذلك انطلاقاً بالطبع من الحاجة الأميركية والأوروبية المشتركة إلى إنجاز تفاهم حدودي بين لبنان و»إسرائيل»، وتأمين حاجة الدول الأوروبية من الغاز في العام المقبل، وذلك بعدما قطعت روسيا إمدادات الغاز نتيجة المواجهة مع الإتحاد الأوروبي وواشنطن بسبب الحرب في أوكرانيا.

 

ولكن هل يعني هذا الواقع أن الترسيم بات منجزاً؟ عن هذا السؤال تقول المصادر الديبلوماسية إن الوساطة الأميركية، لم تتوقف في هذا المجال، ولكنها شهدت بعض التباطوء والمراوحة خلال الأسابيع الماضية، خصوصاً في ظلّ التباين في الإتجاهات والقراءات على المستوى السياسي اللبناني حول الخطين 29 و23. وتكشف هذه المصادر، أنه من حيث المبدأ فإن قرار التوصل إلى تفاهم هو محسوم لدى واشنطن ولكن من دون أن يعني ذلك بالطبع حيادية الوسيط الأميركي، والذي من الواضح أنه منحاز بنسبةٍ كبيرة إن لم يكن بالكامل للـ»إسرائيلي».

 

ولذلك فإن المفاوض اللبناني والذي هو بانتظار الجواب الذي سيحمله الوسيط الأميركي في زيارته المقبلة إلى لبنان، يقف أيضاً أمام عدة استحقاقات داخلية وفي مقدمها، توحيد الموقف في هذا الملف والتوافق على مقاربة موحدة، وبالتالي، العمل على الإفادة من المناخات الدولية الضاغطة باتجاه تحقيق اتفاق والقرار الحاسم لدى كل القوى المعنية بالملف بعدم الإنزلاق إلى أي تصعيد أو مواجهة في الجنوب على الرغم من ارتفاع وتيرة الحملات والتهديدات الأخيرة في المنطقة.