Site icon IMLebanon

عن “الوجه الآخر”… لـ”الشيطنة الأميركية” للحكومة

 

 

لم يخرج الموقف الأميركي إزاء العقوبات بحق منظومة “حزب الله” الاجتماعية والاقتصادية والمالية، عن سياق السياسة التي تضعها الادارة الأميركية في تعاملها مع أحد أبرز مكونات المحور الايراني.

 

الجديد هو ضمّ ملف الفساد العنكبوتيّ المتغلغل في التركيبة اللبنانية إلى جدول أولويات ادارة دونالد ترامب، وهذا ما عبّر عنه المؤتمر الصحافي المشترك بين وزارتَي الخزانة والخارجية الأميركيّتين، بحضور مساعد وزير الخزانة الأميركي مارشال بلينغسلي ومساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، الذي تحدث عن “مجموعات من مختلف المذاهب والطوائف والأحزاب السياسية، تعارض الإصلاح وانخرطت في أعمال الفساد”.

 

والأهم من ذلك، السابقة التي دوّنت في سجل الحكومة اللبنانية، وهي توجّه بلينغسلي بالكلام إليها بشكل مباشر، وهي التي تصفها المعارضة بـ”حكومة حزب الله”، بالقول: “على الحكومة اللبنانيّة أن تتحرّك بسرعة لمعالجة مخاوف المجتمع الدولي من الفساد المستمر في لبنان”.

 

هكذا، التقط مؤيدو الحكومة هذه الإشارة للتدليل على تطور الموقف الأميركي من الحكومة اللبنانية، على نحو إيجابي بشكل قد يفاجئ الكثيرين، ولكنه لا يفاجئ رئيس الحكومة حسان دياب. بنظر هؤلاء، الموقف الذي أطلق يوم أمس الأول، ليس إلا ترجمة للفرصة التي تمنحها الإدارة الأميركية للحكومة، على عكس ما يظنه كثيرون وهو أنّ واشنطن “تشيطن” الحكومة اللبنانية و”تؤبلس” مكنوناتها فقط، لأنّ قوى الثامن من آذار هي التي تدعمها دون بقية المكونات السياسية للبرلمان اللبناني.

 

لا ينفي هؤلاء الداعمون، الحذر الذي تسلّحت به واشنطن لحظة تسمية دياب رئيساً للحكومة، لكن ادارة ترامب تعلم جيداً أنّ نائب رئيس الجامعة الأميركية في بيروت لن يؤلف حكومة تكون بمثابة دمية بيد “حزب الله”، أو تكون أداة في الصراع الاقليمي أو حتى في موقع الخصومة لبقية القوى اللبنانية.

 

وهذا ما يفسّر الردّ الأولي للادارة الأميركية مع انضمام دياب إلى نادي رؤساء الحكومات، حيث فضّلت التريث بانتظار الاطلاع على طبيعة المكونات الحكومية، وحين خرجت الحكومة إلى الضوء، تطورت مرحلة الانتظار لتشمل البيان الوزاري، وحين انطلق القطار الحكومي طلبت واشنطن من السلطة التنفيذية الالتزام بالبرنامج الاصلاحي! شأنها شأن كل الحكومات السابقة.

 

اذاً، ليس هناك من “حرب” تشنها واشنطن على حكومة حسان دياب، كما يؤكد مؤيدوها، ولا هي تتعامل معها على أنها حكومة “حزب الله”، ولم تسجّل أي موقف “عدائي” تجاه الحكومة منذ تأليفها، لا بل تطلب منها ما سبق وكررته على مسامع حكومات الوحدة الوطنية، ولكن من دون أن تجد آذاناً صاغية. وهذا ما يدركه دياب جيّداً منذ دخوله السراي.

 

وبالتالي، الموقف الأميركي يسير في مسار ثابت، وما الكلام الأخير إلا تأكيد على أنّ واشنطن لا تتعامل مع الحكومة بموقف سلبي مسبق، لا بل تضعها على طاولة الاختبار غير المعلن، بمعزل عن الفريق الذي يدعمها، أي “حزب الله” الذي تواظب واشنطن على تضييق الحصار عليه.

 

ويضيف هؤلاء أنّ هذا الهامش، يكبر أكثر حين يحضر الموقف الأوروبي من الحكومة، وتحديداً البريطاني، الفرنسي، الألماني وحتى من جانب الاتحاد الأوروبي. يشيرون إلى أنّ القنوات الديبلوماسية المفتوحة بين السراي والاتحاد الأوروبي حملت الكثير من الرسائل التطمينية والايجابية، التي تؤكد بما لا يقبل الالتباس أنّ الاتحاد الأوروبي لا يتعامل مع الحكومة على أنّها حكومة “حزب الله” ولا يشاطر الادارة الأميركية نظرتها إلى لبنان بكونه جزءاً من الصراع الأميركي – الإيراني، وهذا ما حرص وزير المال الفرنسي على ايضاحه من قلب الخليج العربي. أكثر من ذلك، أبلغت جهات أوروبية رسمية رئاسة الحكومة أنّ الاتحاد الأوروبي سيعمل بصورة بناءة مع الحكومة.

 

ويعود هذا الهامش ليضيق، حين تكون المملكة السعودية هي المعنية بالعلاقة مع الحكومة اللبنانية. يؤكد داعمو الحكومة أنّ الموقف الرسمي للسعودية يتلخص بالآتي: لا تؤيد الحكومة ولا تعاديها. تنأى بنفسها عنها. يعتقد هؤلاء أنّ الرياض تتماهى مع الموقف الأميركي، وقد يتبدل موقف السعودية مع أي تبدّل قد يطرأ على موقف واشنطن، مع العلم أنّ الكثير من الأصدقاء المشتركين، وهؤلاء ليسوا بقلّة، طرقوا أبواب المملكة سؤالاً عن موقفها من حكومة حسان دياب، وحرص المسؤولون السعوديون على عدم ايداع هؤلاء الأصدقاء رسائل واضحة سلبية، ولا حتى ايجابية.

 

في مطلق الأحوال، يضع دياب في الوقت الراهن كل تركيزه على الخطة الاقتصادية – المالية التي سترى النور خلال الأسبوعين المقبلين بالتزامن مع استحقاق اليوروبوندز، على أن يكون البند الثاني من جدول أعماله: التوجه إلى الخارج لتأمين الدعم لحكومته، ولذلك البند مقتضياته.