بصرف النظر عن الهجمة الدولية الاخيرة التي شهدتها الساحة المحلية في الاسبوعين الماضيين، فان اي ترجمة ميدانية لم تسجل على ارض الواقع حيث يستمر الشغور الرئاسي الى اجل غير مسمى ويتواصل الارباك والاحتقان في قضية العسكريين المخطوفين لدى التنظيمات الارهابية، بينما وضع الحوار الثنائي بين «المستقبل» و«حزب الله» على نار خفيفة حتى اشعار آخر. وتقول اوساط نيابية مطلعة على الحراك الديبلوماسي الغربي الاخير، ان العنوان الاول في محادثات الموفدين الدوليين مع المسؤولين اللبنانيين اقتصر على الوضع السوري واحوال لنازحين في لبنان واوضاعهم المعيشية والاجتماعية كما «الامنية». واوضحت ان الديبلوماسية الغربية تركز في الوضع الراهن على احوال لبنان الامنية واوضاع النازحين السوريين الاجتماعية فقط، مشيرة الى ان الضجة التي اثارتها تصريحات البعض عن الاستحقاق الرئاسي، لم تتجاوز مستوى تأكيد الثوابت المعلنة من قبل عواصم القرار وهي اولاً عدم التدخل في استحقاق لبناني داخلي وثانياً دعوة اللبنانيين الى توافق داخلي يؤدي الى انجاز الانتخابات الرئاسية سريعاً وثالثاً العمل من خلال اطلاق حوار وطني على ترسيخ دعائم الاستقرار الامني «الهش» والوقوف بوجه امتداد كرة النار السورية الى لبنان او على الاقل السعي الى حصرها في المناطق الحدودية.
وفي هذا السياق، فان تحريك مياه الاستحقاق الرئاسي الراكدة قد اتى في الزيارات الديبلوماسية من باب تأكيد المواقف القديمة، وبالتالي تجنب الموفدون الاوروبيون بشكل خاص الدخول في اي تفاصيل تتعلق بهذا الملف وذلك انسجاما مع الموقف الاميركي بشكل خاص كما كشفت الاوساط المطلعة والتي اشارت الى ان ادارة الرئيس باراك اوباما تتجنب حالياً اي مبادرة في لبنان بشكل خاص قد تدفعها بشكل غير مباشر او ربما مباشر الى دفع اثمان معينة لاطراف اقليمية مؤثرة في القرار اللبناني الداخلي. وبالتالي فان هذا التريث الاميركي قد فرمل كل التحركات الروسية تحديداً وحتى الاوروبية المدعومة من الفاتيكان، ولم يؤدِ سوى الى توجيه النصائح للمسؤولين بالاكتفاء بادارة أزمة الشغور الرئاسي وترتيب البيت السياسي الداخلي من خلال الحوار المزمع اطلاقه قريباً بين «حزب الله» وتيار «المستقبل»، اضافة الى ترسيخ دعائم الاستقرار ومواجهة محاولات اثارة الفتنة المذهبية في الداخل. واضافت الاوساط نفسها انه في رأس الاولويات الغربية لدى موسكو كما لدى واشنطن واستتباب الوضع الامني والاقتصادي بانتظار تهيئة الاجواء المحلية والاقليمية والدولية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وكشفت الاوساط النيابية المطلعة ان التحرك الدولي باتجاه لبنان جدي من حيث المبدأ ولكن لا تبدو في الافق اية مؤشرات على امكان حصول تغيير فعلي في المعادلة الرئاسية التي لا تزال مستقرة على ثلاجة مرشحين ومن دون ان تترجم اي من النوايا المعلنة حول حوار مسيحي داخلي وبرعاية بكركي للاتفاق على مرشح واحد يتفق عليه كل القادة المسيحيين. واضافت ان عقبات عدة خارجية بالدرجة الاولى لا تزال تقف في وجه الاستحقاق الرئاسي وتمنع حتى الاتفاق المحلي على تسوية معينة. وأضافت ان طرح الرئيس التوافقي داخل الصف المسيحي انطلق من الفاتيكان وأيدته كل من عواصم القرار الاوروبي كما روسيا، معتبرة ان الدول الاوروبية تغرد منفردة على هذا الصعيد وهي تسعى الى الحفاظ على روابطها مع المؤسسات الدستورية من خلال الدفع باتجاه اعادة ضخ الحياة فيها عبر تسريع وتيرة الاستحقاق. لكن الاوساط النيابية استدركت موضحة ان حسابات المصالح الخارجية لا تتقاطع الآن مع الحسابات الاقليمية خاصة وان عواصم القرار في المنطقة منشغلة بالحرب في سوريا والملف النووي الايراني وأزمة انخفاض اسعار النفط، مما يعزز الاعتقاد بأن ملف الرئاسة عاد الى ثلاثة الانتظار رغم الحراك الديبلوماسي الروسي والفرنسي ومساعي بكركي الاخيرة والتي بقيت من دون اصداء ايجابية.