IMLebanon

واشنطن و«قبرشمون»

 

البيان المقتضب الذي أصدرته السفارة الأميركية في بيروت، أمس، يحمل رسائل عديدة أبرزها ذلك الموجه «الى السلطات اللبنانية» مباشرة «متوقعة» منها أن «تتعامل  مع هذا الأمر بطريقة تحقق العدالة من دون تأجيج نعرات طائفية ومناطقية بخلفيات  سياسية». وهذا البيان يؤكد أنّ «الحادث المأساوي» (حادث قبرشمون – البساتين) اتخذ أبعاداً تخطت الحدود اللبنانية…  بقدر ما هو دليل على ءهمية هذا الوطن الصغير وحساسية وضعه، ومدى ارتباط الأحداث والتطورات فيه بأوضاع المنطقة.

 

والسؤال الذي يطرح ذاته بإلحاح في هذه المرحلة، وبعد بيان السفارة، هو: هل أنّ واشنطن أرادت تدويل الحادثة؟ وهل هي معنية بحادث «يبدو» (على خطورته) داخلياً؟! والى أي مدى  يُعتبر صحيحاً ما يقوله بعض أطراف الحادث إن هذا يشكل دليلاً على تدخل خارجي في شؤون لبنان؟ وما يرى فيه البعض تصرفاً طبيعياً من سفارة الدولة المعنية بـ «مراقبة» شؤون العالم، خصوصاً في بلدٍ تزود أميركا جيشه بالسلاح والعتاد، أو بقسم  من السلاح والعتاد؟!

 

واستطراداً: لقد حرص  حزب الله في الأسبوعين الأخيرين على النأي بنفسه (ظاهراً على الأقل) عن تداعيات حادثة قبرشمون، فهل تدفعه السفارة الأميركية في بيانها اللافت الى العودة على بدء، أي الى الموقف المباشر الذي اتخذه إثر وقت قليل على الحادثة، فتوجه وفد قيادي بارزٌ منه الى دارة آل ارسلان في خلدة وأعلن موقفاً داعماً (بشدة) للأمير طلال أرسلان؟

 

وفي مزيد من الأسئلة ذات الصلة: هل تقتدي دول عديدة (وبالذات الدول الثمان التي قيل إن سفراءها عقدوا اجتماعاً مع وليد بك جنبلاط قبل مدة) هل  تقتدي هذه الدول بالولايات المتحدة فتصدر سفاراتها بيانات في المعنى ذاته والأبعاد ذاتها التي تضمنها بيان سفارة الرئيس دونالد ترامب في عوكر؟!

وماذا لو ثبت أن روسيا الاتحادية هي على موقف مماثل لموقف الولايات المتحدة الأميركية؟ بل: ماذا لو كانت السفارة الروسية في بيروت قد تمثلت عبر أحد ديبلوماسييها في لقاء السفراء الثمانية المشار إليه أعلاه؟

 

في تقديرنا أن ما بعد البيان الأميركي، أمس، ليس كما قبله. فلا بدّ من سلسلة ردود ومواقف (مع وضدّ) قد تزيد في طين الأزمة بلّة.

 

ويبقى ضرورياً معرفة موقف «السلطات اللبنانية» تحديداً التي توجهت إليها سفارة واشنطن في بيانها؟ وكيف سيكون هذا الموقف… الرئيس عون بادر الى رفض التدخل الخارجي في الشؤون اللبنانية، ولكن ماذا بعد؟

 

لا بد من الترقب ساعات معدودة للتمييز بين الخيط الأبيض والخيط الأسود في هذه المسألة التي يبدو أن كرة ثلجها آخذة في التعاظم  يوماً بعد يوم.