كل الأطراف المهتمة بالأزمة السورية، تنتظر تطبيق ما اتفق حوله في مؤتمر ميونيخ من وقف لإطلاق النار خلال مهلة أسبوع، أي تنتهي اليوم الجمعة.
مصادر ديبلوماسية تؤكد أن الالتزام بذلك هو خطوة مهمة على الطريق الطويل للتوصل الى حل. القضية السورية طويلة الأمد، لكن على الأقل، الالتزام بوقف النار سيكون بداية صحيحة أمام الحل.
وتلفت المصادر الى حصول ضغوط أميركية على روسيا بحيث تم التوصل الى التفاهم حول وقف النار، بعدما كان منتظراً أن يتم ذلك في الأول من آذار بموجب تنفيذ القرار 2254. كما تؤكد أن هناك تنسيقاً أميركياً روسياً مستمراً حول الوضع السوري، ولولا الموافقة الأميركية لما كان ليستمر الدور الروسي، خصوصاً ان التنسيق يجري حول الخطوط العامة ذات الصلة بالحل. ووقف النار إن ثبت يعني تراجعاً روسياً عن فكرة إمكان وقفه في أوائل آذار.
هناك توتير للأجواء واتهامات متبادلة حول التدخل في سوريا.. الانتظار حالياً لردّ الفعل الروسي حيث أن روسيا تمنع تركيا من التحليق بطائراتها فوق الأراضي السورية، حتى لو كان الأمر لضرب «داعش»، كما ان هناك انتظاراً لمعرفة الدور الخليجي على الأرض في سوريا. أية تدخلات جديدة يتم بحثها لإيجاد اخراج دولي لكل أنواع الأعمال العسكرية لمحاربة «داعش» بموجب القرارات الدولية.
وتشير المصادر الى أن كلاً من واشنطن وموسكو لديه مصلحة في تخفيف التوتر الاقليمي، وبذل الجهود من أجل التهدئة وتخفيف العمليات الحربية منعاً لتفاقم الأمور. خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز سيزور موسكو في آذار المقبل. والنقاش الأساسي يتمحور حول وضع المنطقة وسوريا، في ظل أن كل فريق متمسك بمواقفه. وكان قد زار موسكو أخيراً كل من أمير قطر وملك البحرين.
وتفيد المصادر، أن أي طيران جديد سيقصف «داعش»، داخل سوريا، يحتاج الى تنسيق مع قيادة التحالف الدولي ضد الارهاب، وهي حتماً الولايات المتحدة. كما أن روسيا تنسق مع واشنطن في موضوع الضربات داخل سوريا. وكذلك الطيران البريطاني وايضاً الفرنسي اللذان ينسقان مع واشنطن، ينسقان مع الروس لهذه الغاية، في اطار عمليات هذا التحالف الذي يضم 64 دولة. والتنسيق مع التحالف حتمي منعاً لأي اصطدام، وتركيا هي في حلف «الناتو»، وإذا تعرضت لأي اعتداء روسي، فإن الحلف مجبر على أن يدافع عنها. إنما ليس هناك من طرف له مصلحة بالتصعيد الكبير في سوريا، وعلى الرغم من أنه في المبدأ يبقى كل شيء وارداً، إنما في المرحلة الراهنة، من المستبعد حصول أي تدخل بري عربي تركي، لكن قد تحصل عمليات خاطفة ضد الأكراد «وداعش»، مع الاشارة الى أن مثل هذا التدخل قد تكون له مضاعفات سلبية في العلاقات الدولية وهي غير مستحسنة في الوقت الحاضر.
الأسباب الكامنة وراء هذا الاستبعاد، هي أن الولايات المتحدة دخلت في مرحلة الانتخابات الرئاسية وهي مرحلة انتقالية. ولن يتم اتخاذ قرارات قوية، أو الموافقة على مثل هذا النوع من القرارات، التي تتيح بتدخل بري. الضربات الجوية ممكنة وفق اخراج دولي محدد، يجعل روسيا غير ممانعة بها.
لا شك أن هناك توتراً كبيراً بين الدول الداعمة للنظام، والأخرى الداعمة للمعارضة المعتدلة، لكن التوافق الأميركي الروسي على دور روسيا في سوريا بشكل تام، سينسحب على بحث طريقة التعامل مع أي دور عربي في التدخل البري في سوريا. بحيث لن يتم حشر روسيا أميركياً في أفغانستان أخرى، ولن يكون هناك انزلاق غير محسوب في الوضع.
ثم ان الاهتمام الأميركي الروسي ينصبّ على أكثر من ملف لا سيما ما يتصل بكوريا الشمالية وافغانستان، فضلاً عن أن الأوضاع الاقتصادية في روسيا لا تسمح لها بتورط كبير وطويل الأمد، لأنه اذا طالت ستشكل بالنسبة إليها ضغوطاً اضافية على الاقتصاد، وبالتالي لا تتحمل روسيا الفوضى سوى أشهر وليس سنوات في الوحول السورية، لكن المصادر تلفت الى صعود شعبية الرئيس فلاديمير بوتين في روسيا نتيجة اعتبار الروس أن تدخله في سوريا كان ناجحاً، ويحقق أهدافه، ولا يكلف روسيا أعباء كبيرة لا مادية ولا بشرية. ذلك أن لا تدخل على الأرض، والضربات الجوية تدعم جيش النظام، وكل العوامل تلعب لمصلحة بوتين. إنما إذا طالت الأمور فستنعكس سلباً على القيادة الروسية. لكن تلفت المصادر، الى أن بوتين ليس من قادة الدول الذين يخضعون للرأي العام، بل ان سياسته حديدية واستعادة شعبيته تمت على أساس انه أعاد الفخر القومي للبلاد من خلال مواجهة الغرب والولايات المتحدة.
القرار 2254 يبقى خارطة طريق مطلوبة للحل في سوريا بحسب المصادر.
وإذا كان هناك من نية لإنهاء الملف السوري، فإن تطبيقه أفضل من عدم التطبيق، خصوصاً أنه حظي بموافقة دولية إقليمية، ومجموعة الدعم حول سوريا تضم 17 دولة أجمعت على تأييد القرار.