IMLebanon

واشنطن وطهران والرياض:  أي موقع للبنان؟

ليس غريبا ان يسارع كثيرون الى البحث عن موقع لبنان على أجندة الرئيس المنتخب دونالد ترامب. فهذا من طبائع الأمور في كل بلد بعد انتخاب رئيس أميركي جديد يتجاوز تأثير قراراته أميركا الى العالم. الغريب اننا نحاول ان نعرف ما لا يعرفه ترامب نفسه بعد. إذ هو بريء من التجارب السياسية والنظريات ومعرفة العالم وقراءة الكتب. وما يفاخر فيه كرصيد هو اتقان فنّ الصفقة. حتى الرئيس باراك أوباما الذي يزور اليونان وألمانيا والبيرو في جولة مقررة لتطمين الحلفاء على أساس ان فوز هيلاري كلينتون كان مضمونا، فانه يحاول أن يطمئن الخائفين الى ثبات الالتزامات الأميركية، وهو يعترف بأنه خائف. لكنه يعلّل النفس والآخرين بأن ترامب براغماتي لا ايديولوجي.

ومن الآن الى ان يتسلم ترامب الرئاسة ويملأ المناصب الأساسية في ادارته ويحدّد أولوياته، فان الأنظار في بيروت تتركز على موقع لبنان في طهران والرياض. والسؤال، وسط سياسة الفيتوات التي يمارسها حزب الله من موقع المنتصر هنا والقريب من النصر في سوريا، حسب خطبائه في يوم الشهيد، هو: أين موقع لبنان في تأليف الحكومة؟ هل نحن على الطريق الى قانون انتخاب يسمح بتعددية التمثيل داخل الطوائف والمذاهب ويخلخل الأحاديات المكرّسة وينتج تيارا عابرا للطوائف أم سنجد أنفسنا محكومين في اللحظة الأخيرة بقانون الستين المجرّب الذي يحافظ على الستاتيكو ويعيد انتاج السلطة نفسها؟ وهل ما يرسم المرحلة المقبلة هو نتائج الانتخابات النيابية، ولو حدث فيها تغيير، أم المشهد الذي تكرّسه نتائج المعارك في حروب سوريا والعراق واليمن وتحرسه قوى الأمر الواقع؟

صورة الحكومة هي بداية الجواب أو المؤشر الى اتجاه الأمور. فالمهمة الملقاة على عاتقها، الى جانب معالجتها لقضايا الناس الملحّة، وهي قانون الانتخاب واجراء الانتخابات تفرض ان يكون تأليفها قضية أساسية ولو قيل انها حكومة لأشهر معدودة تأتي بعدها حكومة التغيير. والمعركة من أجل لبنان والتي يشكّل انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية أقوى سلاح فيها، تُستكمل من خلال الحكومة أو تواجه عقبات وتحديات. وليس شعار العبور الى الدولة سوى صيغة انشائية. فلا الدولة شيء ينتظرنا في نهاية طريق نعبره بل مؤسسات نبنيها ونطورها ونحرص على صيانتها يوميا. ولا المؤسسات مجرد مجالس ومراكز مملوءة بالذين يشغلونها بمقدار ما هي بناء دستوري تمنع الآليات الديمقراطية إغلاقه عند كل أزمة وترك أي موقع فيه شاغرا، وتفتح باب التغيير نحو الأفضل أمام الشعب.

والطريقة الوحيدة لتكتشف حدود الممكن هو ان تتجاوزها الى المستحيل كما يقول آرثر كلارك.