IMLebanon

واشنطن «تبارك» العملية السياسية في سوريا.. مهما كانت النتائج

التفاوض السوري السوري مهدّد بالفشل حتى قبل انعقاده. هذا ما تؤكده مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع. فهناك خلاف على جدول الأعمال، بحيث أنّ المعارضة تريد البحث بالانتقال السياسي، في حين أنّ النظام لا يريد ذلك، إنّما يريد البحث بالإرهاب وبحكومة وحدة وطنية.

كذلك في موضوع تشكيل الوفد المعارض، روسيا تريد فرض أسماء إضافية للوفد الذي يمثّل المعارضة التي اجتمعت في الرياض. هناك محاولة لفركشة المعارضة لكي لا يحصل تفاوض. واشنطن لا تمانع الطرح الروسي الداعي إلى أن يشمل وفد المعارضة التي اجتمعت في الرياض شخصيات أخرى معظمها مقرّب من النظام. هناك إرادة دولية لا سيما أميركية روسية لانطلاق العملية السياسية. أي أنّ أي تأخير يجب ألاّ يتعدّى الايام القليلة، بحيث تبقى انطلاقتها قبل نهاية هذا الشهر، وها هي تنطلق اليوم الجمعة.

إلاّ أنّ مصادر ديبلوماسية في موسكو تفيد أنّ هناك ارتياحاً روسياً للتنسيق الحاصل من جانب الولايات المتحدة مع روسيا، وأنّ التنسيق أعاد روسيا لاعباً رئيسياً وقوّة عظمى لها دورها في المنطقة، وأنّ واشنطن باتت تدرك أنّ عليها أن تتعاون معها للتوصّل إلى الحل في سوريا، ومن دون هذا التعاون لن يحصل الحل في سوريا. وقد جرى تخطٍ للدور الأوروبي ولأدوار أخرى في هذا المجال. وكل ذلك بعد أحادية القطب في التعاطي مع أزمات المنطقة. وبموجب هذا التنسيق سُجِّل إصرار دولي روسي على استمرار العملية السياسية وفقاً للقرار 2254. وروسيا تريد أن تكون الشخصيات المضافة من مؤتمرَي موسكو والاسيتانة. إنّما بعض الدول الخليجية، يعتبر أنّ هناك تدخلاً روسياً في التسمية هدفه «الحرتقة» على المعارضة، وسبب تضافر الجهود الأميركية الروسية لحل هذه المسألة يكمن في السعي إلى عدم عرقلة انطلاق التفاوض.

وتفيد المصادر الديبلوماسية الواسعة الاطلاع أنّه من دون وجود ضغوط روسية قوية على النظام السوري، للقبول ببحث كافة بنود القرار بجدّية، فإنّ التفاوض لن يصل إلى نتيجة. النظام غير قابل لبحث الانتقال السياسي، والروس لم يضغطوا عليه لتقديم تنازلات، حتى أنّ الأميركيين لن يلجأوا إلى حلول أخرى، وهم يقبلون بما يطرحه الروس. لن تلجأ الإدارة الأميركية إلى بدائل، ومن الأسهل عليها تقطيع الوقت حتى انتهاء ولاية الرئيس باراك أوباما أي بعد نحو سنة تقريباً. لا مؤشّرات تدلّ على تنفيذ القرار 2254 أو اتفاقات على بنوده، إنّما واشنطن تريد وجود عملية سياسية قائمة، وتتمسّك هي بها وكذلك موسكو، إذ ليس في مقدور أي طرف دولي تحمُّل مسؤولية فشل أفق سياسي للأزمة السورية. الكل يقبل بوجود الأفق السياسي الذي يوفّره القرار 2254 والاثنان يحتاجان إلى عملية قائمة، لكن ليس من ضغوط حقيقية لإحراز تغيير حقيقي في سوريا. وبالتالي، من دون ضغوط وتنازلات ستبقى الأمور على حالها. النظام، ومن ورائه موسكو، لا يريدان تغييراً حقيقياً، إذ لا يزال هذان الطرفان يتحدّثان عن حكومة وحدة وطنية ثم انتخابات يترشّح لها الأسد، وحكومة الوحدة الوطنية يمسك النظام بصلاحياتها. والمعارضة تريد تنفيذ «جنيف1»، أي انتقال الصلاحيات في السلطة إليها. حتى أنّ في بنود القرار 2254 هناك جمع بين أفكار عدّة، في مقدّمها الجمع بين وثيقة «جنيف1«، وبيان فيينا، فضلاً عن الإضافات حول وفد المعارضة، وما حصل هو مزيد من عدم الوضوح والالتفاف على «جنيف1»، الأمر الذي يزيد الأمور تعقيداً.

ما يحصل من مشاورات لبدء التفاوض وانطلاقة الحل، أكد أن لا نيّة للوصول إلى حل، لكن متى تفشل العملية، وكيف يكون إخراج الفشل كلها أمور غير واضحة، وليس من طرف يريد تحمُّل مسؤولية الفشل. حتى أنّ النظام يعتبر أنّ كل أطراف العسكر على الأرض إرهابية ولا يريد ممثلين لها، هناك خطط لخربطة العملية من الداخل، تلافياً للقول صراحة من جانب مَن يريد التعطيل إنّه يريد ذلك فعلاً.

ثم أنّ العلاقات الاقليمية ليست جيدة، إذ إنّ الدول المعنية لن تضغط كفاية على الأطراف السورية التي تتأثّر بها من أجل الحل، حتى لو لم تحصل قطيعة اقليمية، إنّما المشكلة موجودة والحل في ظلّها ليس سهلاً.

والتفاوض سيتم بشكل غير مباشر إذ سيجلس كل وفد في غرفة على حدة، وسيتولى وفد الأمم المتحدة الانتقال بينهما وتبادل أفكارهما، ومواقف الأطراف الداخلية السورية، وكذلك الأطراف الراعية لها لا تزال بعيدة عن بعضها لدرجة كبيرة.