Site icon IMLebanon

واشنطن: لا تنتظروا منّا موقفاً… وتفويض الروس مشروط

نصح تقرير دبلوماسي بعدم انتظار موقف أميركي من خطة روسيا لإعادة النازحين السوريّين لأنه لن يصدر. فشروط واشنطن ومعها الخطوط الحمر التي رسمت، أرفقت بالتفويض لموسكو لترتيب العملية من دون انتظار دولار واحد منها. وعليه، إذا صح ما هو معلن فهل من شروط اميركية تضاف الى تحجيم دور إيران وتقليصه في سوريا؟ ومن أين سيوفر الروس المال؟

يقول التقرير الوارد من واشنطن، والذي تداولته حلقة ضيقة من المسؤولين اللبنانيين والدبلوماسيين، انه لو أرادت واشنطن مجاراة موسكو في خطة إعادة النازحين لَما كشفت عن المراسلات التي يتبادلها كبار الجنرالات الروس والأميركيين في عز الأزمات وخارج مدارها، ولا سيما مضمون الرسالة التي وجّهها في 19 تموز الماضي رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف، إلى نظيره رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال البحري جوزيف دانفورد، مُقترحاً «في السر» فتح الحوار بين الدولتين حول جوانب من الأزمة السورية.

لم يعد سراً انّ الرسالة الروسية اقترحت على واشنطن «المساعدة في إعادة بناء سوريا، وإعادة اللاجئين إلى البلد الذي مزّقته الحرب». بالإضافة الى افتقار تلك المناطق الى «المواد الأولية والمعدات والوقود والتمويل اللازم لإعادة بناء البلاد من أجل قبول عودة اللاجئين». وهو ما يعني بوضوح انّ ما هو مطلوب اليوم من الولايات المتحدة الأميركية المساعدة في إعادة إعمار المناطق الخاضعة لسيطرة النظام والروس. فالجميع يدرك انّ أكثر من 39 % من مساحة سوريا ما زالت خارج سيطرة حكومتها.

ومع اعتراف الدبلوماسيين انها ليست المرة الأولى التي تفتح فيها قنوات الحوار بين الدولتين بمثل هذه الآليّة التي لجأ اليها الجنرال الروسي، هناك خطوط «اتصال حمراء» مفتوحة بين العاصمتين لا يغفلها عارف وعاقل. وعليه، فقد توقف التقرير أمام رد فعل العاصمتين وتحديداً أمام استياء الروس من كشف الرسالة ومضمونها، وما سمّي بـ «البرودة» التي عبّرت عنها واشنطن إزاء ما هو مقترح. وهو ما يمكن تفسيره من خلال العودة الى أولويّات الدولتين تجاه تطورات الأزمة السورية بعد «قمة هلسنكي» وحجم ما هو متوافق عليه بينهما في ظل وجود لائحة طويلة بالنقاط الخلافية.

يُضيء التقرير على المراحل التي سبقت القمة الأخيرة، فيقول في مقدمته: منذ بداية الحرب السورية العام 2011 تضاربت الرؤيتان الأميركية والروسية تجاهها. ففي الوقت الذي اعتبرت واشنطن «الثورة السورية» التي انطلقت في 16 آذار 2011 «حراكاً سلمياً ومدنياً» منطقياً ومقبولاً دولياً في مواجهة «ديكتاتور»، كان الروس يرونها حرباً على الإرهاب الى أن تفوّقت نظرة الروس بعد العام 2013 على المقولة الأميركية بعد نجاح النظام بـ»عسكرة المعارضة»، فكانت الحرب المعلنة من الطرفين على الإرهاب.

وإذا أعاد التاريخ نفسه اليوم يظهر جلياً انه وفي الوقت الذي لا يرى الأميركيون من نتائج الحرب السورية سوى ضرورة القضاء على النفوذ الإيراني بعد الإرهاب وإبعاده عن المنطقة وقطع الطريق بين طهران وبيروت عبر بغداد ودمشق، يرى الروس، ورغم توافقهم مع الأميركيين على ضمان أمن اسرائيل، أنّ الأولوية لديها هي إنهاء مأساة اللاجئين السوريين.

ويضيف التقرير: إن سجّلت «قمة هلسنكي» التفاهم على مسألة النازحين، فإنّ الخلاف ما زال قائماً على أولويات المرحلة التي تليها وهو ما لا يسهّل الانتقال الى مرحلة محددة أخرى. ولذلك، فإنّ التفويض الذي أعطاه ترامب لبوتين في ملف النازحين السوريين لا يلزمه بالمساهمة بدولار واحد من كلفة هذه المهمة. فالدول الغنية المتضررة من اللاجئين كثيرة، وربما هي جاهزة لمساعدته.

وعليه، يحدد التقرير اولويات واشنطن الداخلية والدولية من خارج الساحة السورية وحجم الحضور الإيراني فيها بالآتي من العناوين:

– التحضير للانتخابات النصفية التي تستعد لها الولايات المتحدة في مجلسي النواب والشيوخ الخريف المقبل، وسط الصراع المحتدم بين الديمقراطيين والجمهوريين المتّفقين على انتقاد تصرفاته في قمة هلسنكي.

– مواجهة تطورات التحقيق حول التدخّل الروسي في الإنتخابات الأميركية، والذي وضعَ كبير مستشاريه صهره جاريد كوشنير تحت الرقابة القضائية الى اليوم، وتلك التي يجريها فريق المحقق الخاص روبرت مولر بشأن مستشار الأمن المستقيل مايكل فلين.

– تهديدات الحوثيين لحركة الملاحة في مضيق باب المندب واحتمال دخول اسرائيل على خط أزمة اليمن.

– المعوقات التي تحول دون الإجماع على مشروع «صفقة القرن» بعد الرفض السعودي، واحتمال العودة الى نقطة الصفر بعد الاعتراف الاميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل.

وعليه، ومن دون الدخول في الكثير من التفاصيل، ينتهي التقرير الى الإشارة الى انّ تفويض موسكو بملف النازحين قرار لا يتنكّر له الأميركيون، لكنهم لن يتدخلوا في تنفيذه. فالخطوط الحمر مرسومة سلفاً، وهم على ثقة بأنّ روسيا تتفهّمها وتحترمها والباقي تفاصيل.